ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته وهو يقول : بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم خير نسل ، لا يخزى ولا يبزى.
وروى زيد بن موسى (٢٥) قال : حدثني أبي ، عن جدي عليهماالسلام قال : خطبت فاطمة الصغرى عليهاالسلام بعد أن ورد من كربلاء ، فقالت :
الحمد الله عدد الرمل والحصى ، وزنة العرش إلى الثرى ، أحمده وأؤمن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً صلىاللهعليهوآله عبده ورسوله ، وأن ذريته (٢٦) ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل ولا ترات (٢٧).
اللهم إني أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب ، وأن أقول عليك خلاف ما أنزلت من أخذ العهود لوصية علي بن أبي طالب عليهالسلام ، المسلوب حقه ، المقتول بغير ذنب ـ كما قتل ولده بالأمس ـ في بيت من بيوت الله ، فيه معشر مسلمة بألسنتهم ، تعساً لرؤوسهم ، ما دفعت عنه ضيماً في حياته ولا عند مماته ، حتى قبضته إليك (٢٨) محمود النقيبة ، طيب العريكة ، معروف المناقب ، مشهور (٢٩)
____________
(٢٥) زيد بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين العلوي الطالبي ، ثائر ، خرج في العراق مع أبي السرايا ، توفي نحو سنة ٢٥٠ هـ.
الأعلام ٣ / ٦١ ، الكامل في التاريخ ٦ / ١٠٤ ، مقاتل الطالبيين : ٥٣٤ ، جمهرة الأنساب : ٥٥.
(٢٦) ب : ولده. ع : أولاده.
(٢٧) ر : من غير دخل ولا تراث. ع : بغير ذحل ولا تراب.
الذحل : الحقد والعداوة ، يقال : طلب بذحلة أي : بثاره. والموتور : الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه ، تقول منه : وتره يتره وتراً وتيرة.
الصحاح ٤ / ١٧٠١ ، ٢ / ٤٨٣.
(٢٨) ر : قبضه الله إليه.
(٢٩) ر : مشهود.