قال : فورد كتاب عبيدالله بن زياد إلى الحر يلومه في أمر الحسين عليهالسلام ، ويأمره بالتضييق عليه.
فعرض له الحر وأصحابه ومنعوه من المسير.
فقال له الحسين عليهالسلام : « ألم تأمرنا بالعدول عن الطريق؟ »
فقال الحر : بلى ، ولكن كتاب الأمير عبيدالله بن زياد قد وصل يأمرني فيه بالتضييق عليك ، وقد جعل علي عيناً يطالبني بذلك.
قال الراوي (٢١٢) : فقام الحسين عليهالسلامخطيباً في أصحابه ، فحمدالله وأثنى عليه وذكر جده فصلى عليه ، ثم قال : « إنه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون ، وإن الدنيا قد تنكرت وتغيرت وأدبر معروفها واستمرت جذاء ، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الضالمين إلا برما ».
فقام زهير بن القين ، فقال : لقد سمعنا هدانا الله بك يابن رسول الله مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين لآثر النهوض معك على الاقامة فيها.
قال : ووثب هلال بن نافع البجلي (٢١٣) ، فقال : والله ما كرهنا لقاء ربنا ، وإنا
____________
(٢١٢) قال الرواي ، لم يرد في ر.
(٢١٣) ظاهراً هو نفسه نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مذحج المذحجي الجملي ، ويخطئ من يعبر عنه : البجلي ، كان سيداً شريفاً شجاعاً قارءاً من حملة الحديث ومن أصحاب أمير المؤمنين ، وحضر معه حروبه الثلاثة في العراق ، وخرج إلى الحسين فلقيه في الطريق ، وأخباره في واقعة الطف كثيرة ، ذكرت في المقاتل.
إبصار العين : ٨٦ ـ ٨٩ ، الطبري ٦ / ٢٥٣ ، ابن الأثير ٤ / ٢٩ ، البداية ٨ / ١٨٤.