بحرف لياء الإضافة متحرك ؛ إذ لم يريدوا أن يحرّكوا الطاء ، ولا النونات ؛ لأنها لا تذكر أبدا إلا وقبلها حرف متحرك مكسور ، وكانت النون أولى ؛ لأن من كلامهم أن تكون النّون والياء علامة المتكلم ، فجاءوا بالنون ؛ لأنها إذا كانت مع الياء لم تخرج هذه العلامة من علامات الإضمار ، وكرهوا أن يجيئوا بحرف غيره فيخرجه من علامات الإضمار.
وإنما حملهم على أن لم يحركوا الطاء والنونات كراهية أن تشبه الأسماء نحو : يد ، وهن.
وأما ما يتحرّك آخره فنحو مع ، ولد كتحريك أواخر هذه الأسماء ؛ لأنه إذا تحرك آخره فقد صار كأواخر هذه الأسماء. فمن ثمّ لم يجعلوها بمنزلتها ، فمن ذلك : معي ، ولدي في مع ولد.
وقد جاء في الشعر : قدي.
قال الشاعر :
قدني من نصر الخبيبين قدي (١)
لما اضطر شبّهه بحسبي وهني ؛ لأن ما بعد حسب وهن مجرور ، كما أنّ ما بعد قط مجرور ، فجعلوا علامة الإضمار فيهما سواء ، كما قالوا : ليتي حيث اضطروا.
وسألناه عن : إلي ، ولدي ، فقلنا : هذه الحروف ساكنة ولا نرى النون دخلت عليها؟
فقال : من قبل أنّ الألف التي قبلها حرف مفتوح ، والياء التي قبلها حرف مكسور لا تحرّك في كلامهم واحدة منهما لياء الإضافة ، ويكون التحريك لازما لياء الإضافة.
فلما علموا أن هذا الموضع ليس لياء الإضافة عليه سبيل بتحريك ، كما كان لها السبيل على سائر حروف المعجم لم يجيئوا بالنون ؛ إذ علموا أن الياء في هذا الموضع والألف ليست من الحروف التي تتحرك لياء الإضافة.
ولو أضفت إلى الياء الكاف التي تجرّ بها لقلت : ما أنت كي ؛ لأنها متحركة ، كما أن أواخر الأسماء متحركة ، وهي تجر كما أنّ الأسماء تجر.
__________________
(١) البيت منسوب لأبي نخيلة ، في الخزانة ٥ / ٣٨٢ ، ٣٨٣ ؛ ابن يعيش ٣ / ١٢٤ ؛ الكتاب ٢ / ٣٧١.