أو ما من رجل في الدار.
ونصبوا بحرف النفي الذي هو جواب ؛ إذ في حروف الجحد ما يعمل في الأسماء الرفع والنصب وهو (ما) في لغة أهل الحجاز على أن (لا) تعمل الرفع والنصب بمعنى (ليس) وسنقف على ذلك إن شاء الله.
ولما نصبوا بها (وكان الناصب بها لا يعمل) لم تعمل إلا في نكرة على سبيل حرف الخفض الذي في المسألة ، والخافض والمخفوض بمنزلة شيء واحد ؛ لأن مجرى حرف الخفض وما خفضه كمجرى المضاف والمضاف إليه. جعل (لا) وما نصبته بمنزلة شيء واحد. ودلوا على جعلهما كشيء واحد بحذف التنوين مما بعدها ولم يقولوا في الجواب : لا من رجل ؛ لأن التعبير الذي يكون" بمن" يحصل" بلا" فاكتفوا بتأثير" لا" في الاسم الذي بعدها عن إدخال (من).
واختلف أصحابنا في فتحة الاسم المبني مع (لا).
فقال أبو العباس محمد بن يزيد إنها بناء.
وقال أبو إسحاق الزجاج إنها إعراب.
وقد سقت كلامهما على ما حكى أبو بكر مبرمان عنهما :
قال أبو العباس : " الذي أوجب ل (لا) أن تعمل : إنها وليت الأسماء فلم تفارقها وكل شيء ولي شيئا فلم يفارقه وجب أن يعمل فيه. والذي أوجب لها النصب : أنها داخلة على مبتدإ وخبر ، وكل داخل على مبتدإ وخبر يجب أن يعمل النصب إذا ولي الأسماء دون الأفعال نحو : ليت وإنّ وكأن" ومضارعتها"" أن" إنها لا تلي الأفعال.
والذي أوجب البناء أنها خالفت العوامل ؛ لأن العوامل تتصرف ، وتصرفها أنها تلي المعارف والنكرات ، كقولك : " إنّ زيدا" و" إنّ رجلا" و" لا" هذه لا تفارق النكرات ، فلما لزمت النكرة هذا اللزوم وخالفت نظائرها من الحروف العوامل في الأسماء فعل بها ذلك.
وقال أبو إسحاق الزجاج" ليست مبنية وإنما شبهها بخمسة عشر ـ يعني سيبويه ـ لأنها لا تفارق ما تعمل فيه كما أن خمسة لا تفارق عشر" واحتج أبو إسحاق بقولك : لا رجل وغلاما عندك ، ولا رجل ظريفا عندك. واستدل بعطف المعطوف عليه أنه معرب.
قال أبو بكر : " فقلت له : فأنت تقول : لا رجل ظريف عندك ، فنبني" رجل" مع" ظريف" ... قال : " هذا قول بعضهم ويحتاج أن ننظر فيه".
وقال ـ أيضا ـ أبو إسحاق : " إنما حذفت التنوين للفرق بين معنيين" أي : لتفرق بين الذي هو جواب" هل من رجل"؟ وبين الذي هو جواب" هل رجل"؟