قال أبو سعيد : " قد سقت كلام هذين. والذي عندي : أن الفتحة في الاسم بعد (لا) إعراب وهو مذهب سيبويه لأنه قال" فتنصبه بغير تنوين ، ونصبها لما بعدها كنصب (إن) لما بعدها. وترك التنوين لما تعمل فيه لازم.
قال أبو سعيد : قد يعمل العامل في الشيء ويمنع التصرف الذي لنظائره ولا يكون ذلك مبطلا لعمله كقولك : حبذا زيد.
" حب" فعل ماضي و" ذا" فاعله وجعلا جميعا كشيء واحد ، ولا يغيّر في التثنية والجمع والتأنيث ، ولا يمنع ذلك من أن يكون" حب" قد عمل في" ذا" ومنع التنوين لما ذكرته لك من الدلالة على جعلهما كشيء واحد على مذهب (لا) المقابلة حرف الجر وما بعده في قولك هل من رجل في الدار"؟
وقد أجمعوا على أن ما بعد (لا) إذا كان مضافا أو كان تمامه بشيء يتصل به أنه منصوب معرب ، وأن ما لم يكن من ذلك مضافا فالتنوين يدخله ، وذلك قولك : لا غلام رجل في الدار ولا خيرا من زيد عندنا ، وله باب يأتي فيما بعد.
وقوله : و (لا) وما عملت فيه في موضع ابتداء.
إن قال قائل : أنتم تزعمون أنّ" ليت" و" لعل" و" كأن" إذا دخلن على المبتدإ وخبره غيرن معنى الابتداء حتى لا يعطف على موضع الابتداء كما يعطف في (إن) و (لا) حرف جحد دخل على الابتداء فهلا غيّر موضع الابتداء؟
والجواب : أن هذه الحروف لها معان لا تصح في الأسماء إذا كانت مبتدأة وقد يصح الابتداء فيها مع الجحد كقولك : لا زيد في الدار ولا عمرو.
ويقال : أقل رجل يقول ذلك. وأقل مبتدإ وفيه معنى الجحد ؛ لأن معناه : ما يقول ذاك أحد" ولا" أيضا جواب حرف دخل على مبتدإ وخبر لأن قولك : هل من رجل في الدار؟ " من رجل" في موضع مبتدإ و" في الدار" خبره و" لا" عملت في" رجل" وفيها جحد فقابلت (لا) (هل) في الجواب وقابلت (من) في العمل فصار" لا رجل" بمنزلة" هل من رجل؟ " في عملهما فيما بعدهما.
وأما استدلال سيبويه على أن" لا رجل" في موضع اسم مبتدإ في لغة بني تميم بقول العرب من أهل الحجاز :
لا رجل أفضل منك فكان بنو تميم يقولون : لا رجل ويسكتون عن إظهار الخبر ، واحتج بلغة أهل الحجاز لأنهم يظهرون الخبر.
وذكر أبو بكر مبرمان عن أبي العباس محمد بن يزيد : أنه زعم أن" لا" تعمل رفعا