يونس : أنه سمع هذا البيت ب (ألم) وإنما كتبت هذا لأن لا يقول إنسان : فلعلّ الشاعر قال : (ألا). وسألت الخليل عن قول الأعشى :
لقد كان في حول ثواء ثويته |
|
تقضّى لبانات ويسأم سائم (١) |
فرفعه وقال : لا أعرف فيه غيره ، لأن أول الكلام خبر وهو واجب ، كأنه قال : ففي حول تقضىّ لبانات ويسأم سائم. هذا معناه.
واعلم أن (الفاء) لا تضمر فيها (أن) في الواجب ، ولا يكون في هذا الباب إلا الرفع ، وسنبين لم ذلك. وذلك قوله : إنه عندنا فيحدثنا ، وسوف آتيه فأحدثه ، ليس إلا ، إن شئت رفعته على أن تشرك بينه وبين الأول ، وإن شئت كان منقطعا ، لأنك قد أوجبت أن تفعل فلا يكون فيه إلا الرفع ، وقال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ)(٢) ، فارتفعت لأنه لم يخبر عن الملكين أنهما قالا : لا تكفر فيتعلمون ، ليجعلا كفره سببا لتعليم غيره ، ولكنه على كفروا فيتعلمون ، أي : فهم يتعلمون ؛ ومثله : (كُنْ فَيَكُونُ)(٣) كأنه قال : إنما أمرنا ذلك فيكون.
وقد يجوز النصب في الواجب في اضطرار الشعر ، ونصبه في الاضطرار ـ من حيث انتصب في غير الواجب ـ وذلك أنك تجعل (أن) العاملة ؛ فمما نصب في الشعر اضطرارا قول الشاعر :
سأترك منزلي لبني تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا (٤) |
وقال الأعشى ، وأنشدناه يونس :
ثمّت لا تجزونننى عند ذاكم |
|
ولكن سيجزيني الإله فيعقبا (٥) |
وهو ضعيف في الكلام ؛ وقال طرفة :
لنا هضبة لا ينزل الذّلّ وسطها |
|
ويأوي إليها المستجير فيعصما (٦) |
وكان أبو عمرو يقول : لا تأتنا فنشتمك.
__________________
(١) البيت في ديوانه ، ابن يعيش ٣ / ٦٥ ؛ الكتاب ٣ / ٣٨ ؛ المقتضب ١ / ٢٧.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٠٢.
(٣) سورة النحل ، الآية : ٤٠.
(٤) البيت منسوب للمغيرة بن ضياء ؛ الكتاب ٣ / ٣٩ ، ٩٢ ؛ المقتضب ٢ / ٢٤.
(٥) البيت في ديوانه ١٦٧ ؛ الخزانة ٧ / ٤٢١ ؛ الكتاب ٣ / ٣٩.
(٦) البيت في ديوانه ١٥٩ ؛ الكتاب ٣ / ٤٠ ؛ المقتضب ٢ / ٢٤.