ألم تسأل فتخبرك الرّسوم (١)
وأما قوله :
إلى سليمان فنستريحا (٢)
فالنصب في نستريح لا غير ، ولا يجوز الجزم بالعطف على (سيري) ، لأن (سيري) ليس بمجزوم لأنه فعل أمر وهو مبني ولا عامل فيه ، وقد ذكر ذلك ، وإن جزم فعلى مثل قوله :
... فاخمشي |
|
لك الويل أو يبكي من بكى (٣) |
محمول على المعنى.
وقوله : ألست قد أتيتنا فتحدثنا ، إذا جعلته جوابا ، ولم تجعل الحديث وقع إلا بالإتيان كان معناه قبل دخول الاستفهام : ما أتيتنا فتحدثنا ، فتنصبه بجواب الجحد ، ثم تدخل ألف الاستفهام على المنصوب ولا يتغير فإن رفعته فعلى معنى : فحدثتنا ، وهو مثل قولك : سرت فأدخلها ، على معنى : فإذا أنا داخل ؛ ومثله قوله : حسبته شتمني فأثب عليه ، إذا كان الوثوب واقعا ، لأن تقديره : فإذا أنا واثب عليه كقولك : سرت فأدخلها ، إذا كان الدخول واقعا ؛ وإذا لم يقع الوثوب فهو بمعنى : لو شتمني لو ثبت عليه ، وهو بمنزلة : ما أتيتنا فتحدثنا ، إذا لم يكن الحديث واقعا ، فالنصب هو المختار.
وقال أبو عمرو : حسبته شتمني فأثب عليه ، أي كان منه شتمي فيكون مني الوثوب عليه ؛ فلما جاء الثاني على غير مجيء الأول ، لأن الأول ماض والثاني غير ماض نصبته ، لأنه أشبه النفي وجوابه ؛ وإن كنت قد وثبت رفعت ؛ لأن معناه : حسبته كان منه شتمي فكان مني وثوب ، فيجيء الثاني في معنى الأول ؛ وأما :
تقضّى لبانات ويسأم سائم (٤)
فالذي رواه الخليل في البيت الرفع ، ولم يعرف غيره.
وفي (كان) ضمير الأمر والشأن كما تقول : كان يقوم زيد ، وكان يتكلم العمران ، ونحوه.
__________________
(١) صدر بيت سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) جزء من بيت لمتمم بن نويرة ، وتمامه :
على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي |
|
لك الويل حر الوجه أو يبكي من بكى |
ابن يعيش ٧ / ٦٠ ؛ الكتاب ٣ / ٩.
(٤) عجز بيت سبق تخريجه.