تَعْلَمُونَ)(١). وإن شئت جعلت (وتكتموا) على النهي ، وإن شئت جعلته على (الواو).
وقرئ : يا ليتنا ترد ولا تكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (٢) فالرفع على وجهين : فأحدهما أن يشرك الآخر الأوّل ، والآخر على قولك :
دعني ولا أعود ، أي فإني ممن لا يعود ، وإنما يسأل الترك وقد أوجب على نفسه أن لا عودة له البتة ، ترك أو لم يترك ولم يرد أن يسأل أن يجتمع له الترك وأن لا يعود. وأما عبد الله بن أبي إسحاق فكان ينصب هذه الآية.
وتقول : زرني وأزورك ، أي أنا ممن قد أوجب زيارتك على نفسه. ولم ترد أن تقول : لتجتمع منك من الزيارة وأن أزورك ، تعني : لتجتمع منك الزيارة فزيارة منّي ، ولكنه أراد أن يقول : زيارتك واجبة على كل حال ، فلتكن منك زيارة.
قال الأعشى :
فقلت ادعي وادعو إنّ أندى |
|
لصوت أن ينادى داعيان (٣) |
ومن النصب أيضا قوله :
للبس عباءة وتقرّ عيني |
|
أحبّ إليّ من لبس الشفوف (٤) |
لما لم يستقم له أن يحمل (وتقرّ عيني) ، وهو فعل على (لبس) وهو اسم ، لما ضممته إلى الاسم ، وجعلت (أحبّ) لهما ولم ترد قطعة ، لم يكن بد" من إضمار (أن). وسترى مثله مبينا.
وسمعنا من ينشد هذا البيت من العرب ، وهو لكعب الغنوي :
وما أنا للشيّء الذي ليس نافعي |
|
ويغضب منه صاحبي يقؤول (٥) |
والرفع أيضا جائز حسن ، كما قال قيس بن زهير بن جذيمة :
فلا يدعني قومي صريحا لحرّة |
|
لئن كنت مقتولا ويسلم عامر (٦) |
و (يغضب) معطوف على الشيء ، ويجوز رفعه على أن يكون داخلا في
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٤٢.
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ٢٧.
(٣) البيت في ديوانه ، الكتاب ٣ / ٤٥.
(٤) البيت منسوبا لميسون بنت بجدل ؛ الخزانة ٨ / ٥٠٣ ؛ الكتاب ٣ / ٤٥ ؛ المقتضب ٢ / ٢٧.
(٥) البيت في ديوانه ، ابن يعيش ٧ / ٣٦ ؛ الكتاب ٣ / ٤٦ ؛ المقتضب ٢ / ١٩.
(٦) البيت في ديوانه ، الخزانة ١١ / ٣٣٠ ؛ الكتاب ٣ / ٤٦.