تقول : لا مرحبا ولا أهلا ، ولا تغير الشيء عن حاله التي كان عليها قبل أن ينفيه ، ولا ينفيه مغيّرا عن حاله يعني في الإعراب الذي كان ، فصار ما بعدها معها بمنزلة حرف واحد ليست فيه (لا) و (إذا) وأشباهها لا يقعن هذه المواضع ، ولا يكون الكلام بعدهن إلا مبتدأ قال ابن مقبل :
وقدر ككفّ القرد لا مستعيرها |
|
يعار ولا من يأتها يتدسّم (١) |
ووقوع (إن) بعد (لا) يقويّ الجزاء فيما بعد لا.
وذلك قول الرجل : لا إن أتيناك أعطيتنا ، ولا إن قعدنا عندك عرضت علينا ، و (لا) لغو في كلامهم.
ألا ترى أنّك تقول : خفت ألّا يقول ، ويجري مجرى خفت أن تقول.
وتقول : إن لا تقل أقل ، فلا لغو. وإذا وأشباهها ليست هكذا إنما يصرفن الكلام أبدا إلى ابتداء.
وتقول : ما أنا ببخيل ولكن إن تأتني أعطك ، جاز هذا وحسن لأنك قد تضمرها هنا كما تضمر في (إذا) ، ألا ترى أنك تقول :
ما رأيتك عاقلا ولكن أحمق ، فإن لم تضمر تركت الجزاء ، كما فعلت ذلك في (إذا) فاصرفه ، قال طرفة :
ولست بحلّال التّلاع مخافة |
|
ولكن متى يسترفد القوم أرفد (٢) |
كأنه قال : أنا ولا يجوز في (متى) أن يكون الفعل وصلا لها ، كما جاز في (من) و (الذي) وسمعناهم ينشدون قول العجير السلولي :
وما ذاك أن كان ابن عمّي ولا أخي |
|
ولكن متى ما أملك الضرّ أنفع (٣) |
والقوافي مرفوعة كأنه قال : ولكن أنفع متى ما أملك الضرّ ، ويكون أملك على متى في موضع جزاء ، وما لغو. لا نجد سبيلا إلى أن يكون بمنزلة (من) فتوصل ، ولكنها كمهما.
وأما قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ)(٤)
__________________
(١) البيت في ديوانه ٣٩٥ ، الكتاب ٣ / ٧٧.
(٢) البيت في ديوانه ٢٩ ، الخزانة ٩ / ٦٦ ، ٦٧ ؛ الكتاب ٣ / ٧٨.
(٣) البيت في ديوانه ، الخزانة ٩ / ٦٦ ، ٧٠ ، ٧٣ ؛ والكتاب ٣ / ٧٨.
(٤) سورة الواقعة ، الآيتان : ٩٠ ، ٩١.