العامل حرف جر في صلة فعل الشرط ، أو اسما مضافا قد نصبه فعل الشرط أو مبتدأ مضافا ؛ فإذا قلت :
على أي دابّة أحمل أركبه ، فعلى في صلة أحمل الذي هو شرط ، فلذلك لم تبطل المجازاة ، واركبه الجواب وكذلك بمن تؤخذ أوخذ ، الباء في بمن في صلة تؤخذ ، والحجة في جواز تقدّمها في المجازاة إذا كان العامل فيها ما بعدها كالحجة في جواز تقدمها في الاستفهام إذا كان العامل لا يجوز فيها ما بعدها.
كقولك : بمن تمر ، ولو قدمت العامل فيهما لم يجز ، لا يجوز تمرّ بمن في الاستفهام ، ولا تؤخذ بمن أوخذ به ، وعلى هذا تقول في الاستفهام على أنها أركب وقوله :
في أيّ نحو يميلوا دينه يمل (١)
يميلوا هو الواقع على (في) فإذا قلت : بمن تمرّ به أمرّ ، وعلى أيّهم تنزل عليه أنزل ، فقد جعلت ما بعد ما وأيهم صلة لهما ، فأوجب ذلك أن يكونا بمنزلة الذي ، لأنهما في الاستفهام والمجازاة لا يحتاجان إلى صلة ، وتقديره بالذي تمرّ به أمّر ، وتمرّ فيه صلة الذي ، والعائد إلى الذي الهاء الذي في به بعد تمرّ ، والباء الواقعة على الذي في صلة أمرّ. وتقديره أمرّ بالذي تمرّ به ، وكذلك أنزل على الذي تنزل عليه ، وآتيك بالذي تأتيني به ، وقد يكتفون بأحد حرفي الجر ، ويحذفون الآخر ، وإن كان منويا ، وذلك في الذي في المجازاة ، كقولهم في معنى : الذي بمن تمر أمر تقديره بمنّ تمر به أمر ، واكتفوا بالباء الأولى والثانية منوية لأن الهاء في به المنوية هي العائدة إلى من ، وكذلك التقدير على من تنزل عليه أنزل ، وحذف عليه والهاء فيها هي العائدة إلى من ، ومثله في الاكتفاء بأحد الحرفين في كلامهم إنهم يقولون :
مررت ومرّ بي زيد ، ونزلت ونزل عليّ زيد تقديره مررت بزيد. ومرّ بي ، ونزلت على زيد ، ونزل عليّ فسوغت الثانية حذف الأولى ، ودلت عليه ، وقد يقول القائل : في أي شيء تصرّفني اتصرّف ، وإلى أين وجّهتني توجّهت ، والمعنى انصرف فيه ، وتوجهت إليه ، وعلى هذا قول ابن همام :
في أيّ نحو يميلوا دينه يمل
وأنشد سيبويه في ذلك :
__________________
(١) عجز بيت سبق تخريجه.