" لو لا زيد لأتيتك" فإذا قال : " لو لا أن زيد عندي لأتيتك" فتقديره لو لا كون زيد لأتيتك وخبر المبتدأ محذوف.
وأما" أن" بعد" لو" فعلى مذهب أبي العباس المبرد : هي فاعلة في موضع رفع بفعل محذوف. فإذا قلت : لو أنّ زيدا جاءني لأكرمته فتقديره على مذهبه : لو وقع مجيء زيد. فجعل" أن" مرفوعا" بوقع".
والذي عندي : أنه لا يحتاج إلى إضمار الفعل ولكن تقع (أن) نائبة عن الفعل بعد" لو" كقولك : " لو أنّ زيدا جاءني لأكرمته" كأنك قلت : " لو جاءني زيد لأكرمته". وسوغ ذلك أن" لو" غير عاملة وإنما دخولها لمعنى لا يختل يكون" أنّ" بعدها إذ كان الخبر لا يفارقها وهو فعل.
وقد ذكرنا هذا مستقصى في أول الكتاب.
وشبه سيبويه وقوع" أنّ" بعد" لو" وهي في تقدير الاسم ولا يستعملون الاسم بعدها بوقوع" تسلم" بعد" ذي" و" تسلم" في موضع اسم ولا يستعملون الاسم بعد" ذي" في هذا الموضع. وهذا عنده بمنزلة ما لا يقاس عليه.
وقوله" مذ أنّ الله خلقني" في" أنّ) وجهان : يجوز أن يكون رفعا. ويجوز أن يكون خفضا. فإن كانت رفعا فهو خبر مبتدأ. تقديره : ما رأيته من وقت خلق الله لي. كما تقول : ما رأيته مذ يوم الجمعة. وتجعل" مذ" بمنزلة المبتدأ وبتأول : مدة ذلك وقت خلق الله لي.
الذي يقول : " أما إنّه منطلق" و" ألا أنه منطلق" لا يعتد بأما و" ألا" لأنهما ، يجعلان استفتاحا. وتنبيها للمخاطب ليسمع الكلام المقصود.
والذي يقول : " أما أنّه منطلق. فهو بمنزلة : حقا أنّه منطلق حقا" في مذهب الظرف." وأنه منطلق في موضع مبتدأ كأنه قال : في حق انطلاقه كما قال :
.. أحقا أنّ أخطلكم هجاني .. (١)
والعرب تقول : أفي حق أخذك مالي. ونحو ذلك وهو مذهب الظروف كما تقول :
__________________
(١) البيت للنابغة الجعدي وهو عجز بيت صدره :
ألا أبلغ بنى خلف رسولا ..
انظر البيت في الخزانة : ٤ / ٣٠٦ ، والعيني : ١ / ٥٠٤ ، والهمع : ١ / ٧٢ ، والأشموني : ١ / ١٨٥ ، والكتاب : ١ / ٤٦٩ ، انظر الأعلم : ١ / ٤٦٩.