السماء فوقنا" أي هما متشابهان في كونهما. ولم يرد أن هذا حق كما أن هذا حق.
وكان أبو العباس المبرد يجيز أن يكون" ما" مع كاف التشبيه لغوا وأن تكون مبنية معها. وقد ذكرت لك استدلال سيبويه على أنها لغو. ولم يقم دليل على غيره والفرق في : مثل ما أنك ذاهب" ومثل" أنك ذاهب بدخول" ما" كالفرق في الكاف ومعناهما : أعني : الكاف ومثل ، ومذهبهما في دخول" ما" وخروجهما واحد. وسيبويه يذهب في قول النابغة الجعدي :
كأن يؤخذ المرء الكريم فيقتلا
إلى أن" ما" منه محذوفة وتقديره : كما أنه يؤخذ وخففت" أن" وحذفت" ما".
قال أبو سعيد : هذا سهو من سيبويه صير تشبيه جملة بجملة ودفاعه اسم واحد وليس بجملة وقوله : " كأن يؤخذ المرء" ليس من الأشياء الواضحة الوجود فيشبه به تحقيق وجود شيء آخر. وإنما يصف النابغة خصومة جرت بين رجل من عشيرته مناظر عنها. وبين خصوم له من قبائل أخرى يحضره ملك. وأن ذلك الملك كان ميله على عشيرته. وأن المناظر عنهم ثبت لهم في المناظرة مع ميل الملك عليه وعلى ذلك قوله : ـ
لدى ملك غضبان أقبل مخفرا |
|
إليهم شديدا قسره متبسلا (١) |
واخضرهم خصما شديدا ضريره |
|
بني دارم أهل البسول ونهشلا |
وذو التاج من نسان ينصر جاهدا |
|
ليجعل فيها خدنا هو أسفلا |
قروما تسامى عند باب دفاعه |
|
كأن يؤخذ المرء الكريم فيقتلا |
يريد : دفاع الباب. وهو رده وحجبه لمن يريد الدخول. وطرده وهو مثل القتل في شدته. لأنه إذلال للمطرود المحجوب. ومعنى قوله" فما" لا يحذف في الكلام. يعني : من" كما" إذا أردت الضرب الذي ذكرناه من التشبيه كما لا تحذف من" أن" في" إما" التي بمعنى" أو" وقد ذكرنا حذف" ما" من" إما" في :
.. وإنّ من خريف فلن يعدما ..
قال أبو عثمان المازني : أنا لا أنشده إلا :
__________________
(١) ديوان النابغة الجعدي : ١٣١.