لمنطلق" فحتى هاهنا معلقة. لا تعمل في" إن" كما لا تعمل إذا قلت : حتى زيد ذاهب فهذا موضع ابتداء و" حتى" بمنزلة" إذا" ولو أردت أن تقول : " حتى أن" في هذا الموضع كنت محيلا. لأن" أن" وصلتها هاهنا بمنزلة" الانطلاق" ولو قلت : " انطلق القوم حتى الانطلاق"" وحتى الخير" كان محالا. لأن" أنّ" تصير الكلام خبرا فلما لم يجز ذا حمل على الابتداء. وكذلك إذا قلت : مررت فإذا إنّه يقول وسمعت رجلا من العرب ينشد هذا البيت كما أخبرك به :
وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا |
|
إذا إنه عبد القفا واللهازم (١) |
فحال" إذا" هاهنا كحالها إذا قلت : " إذا هو عبد القفا واللهازم" وإنما جاءت" إن" هاهنا لأنك بهذا المعنى أردت كما أردت في" حتى" معنى حتى هو منطلق وإذا قلت : مررت فإذا أنّه عبد. تريد : مررت به فإذا العبودية واللؤم ، كأنك قلت : مررت فإذا أمره العبودية واللؤم ثم وضعت" أن" في هذا الموضع جاز.
وتقول : قد عرفت أمورك حتى أنك أحمق كأنك قلت : عرفت أمورك حتى حمقك ثم وضعت" أن" في هذا الموضع. هذا قول الخليل وسألته عن قوله : (هذا حق كما أنك هاهنا) هل يجوز على ذا الحد كما أنك هاهنا؟
فقال : لا. لأن لا يبتدأ بها في كل موضع ألا ترى أنك تقول : يوم الجمعة أنك ذاهب ولا : كيف أنك صانع. و" كما" بتلك المنزلة.
قال أبو سعيد : قوله : وانطلق القوم حتى أن زيدا لمنطلق معناه. وانطلق القوم وزيد منطلق. وهي : " حتى" التي بمعنى : الواو. وتقع بعدها الجمل. ولذلك لم يجز أن تقع بعدها." أن" مفتوحة. لأنها وما بعدها بمعنى المصدر. ولو قلت : انطلق القوم حتى انطلاق زيد لم يجز لأن ما بعد" حتى" إذا جعلت بمعنى الواو أو جعلت غاية من جنس ما قبلها. ألا ترى أنك لا تقول : جاءني إخوتك حتى الحمار. وكذلك إذا أردت." إذا" التي للمفاجأة. لأنها يقع بعدها الابتداء والخبر إلا أنه يجوز بعد." إذا" الفتح والكسر جميعا.
فالكسر قولك : مررت به فإذا أنه يقول أن زيد خير منك. وكذلك قوله :
__________________
(١) البيت في الخصائص : ٢ / ٣٩٩ ، ابن يعيش : ٤ / ٩٧ ، الخزانة : ٤ / ٣٠٣.