أجر.
وتقول : لا يلبث أن يأتيك" أي" : لا يلبث عن إتيانك وقال عزوجل (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا)(١) ، (فأن) محمولة على (كان) كأنه قال : ـ " فما كان جواب قومه إلا قول كذا وكذا ..." وإن شئت رفعت الجواب فكانت (أن) منصوبة. وتقول" ما منعك أن تأتينا". أراد من إتياننا فهذا على حذف حرف الجر. وفيه ما يجيء محمولا على ما يرفع وينصب من الأفعال تقول : قد خفت أن يفعل. وسمعت عربيا يقول : أنعم في أن تشده أي بالغ في أن يكون ذلك هذا المعنى و (أن) محمولة على" أنعم". وقال عزوجل : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ)(٢) ، ثم قال" أن" يكفروا على التفسير كأنه قيل له : ما هو فقال : أن يكفروا.
وتقول أني مما أن أفعل ذاك. كأنه قال : أني من الأمر أو من الشأن أن أفعل ذاك فوقعت" ما" هذا الموقع كما تقول العرب : " بئسما" يريدون : بئس الشيء.
وتقول : ائتني بعد ما يقول ذاك. كأنك قلت : (ائتني) بعد قولك ذاك. القول كما أنك إذا قلت : بعد أن تقول. فإنما تريد : ذلك.
ولو كانت" بعد" مع" ما" بمنزلة كلمة واحدة لم تقل : من بعد ما يقول ذاك القول. ولكانت" الدال" على حالة واحدة. وإن شئت قلت : أني مما أفعل فيكون" ما" مع" من" بمنزلة كلمة واحدة نحو : ربما.
قال أبو حية النميري :
وأنّا لمّا نضرب الكبش ضربة |
|
على رأسه تلقى اللّسان من الفم (٣) |
وتقول إذا أضفت إلى" أن" الأسماء : " أنه أهل أن يفعل" وإن شئت قلت أنه أهل أن يفعل ، ومخافة أن يفعل : إنه أهل لأن يفعل ومخافة لأن يفعل فهذه الإضافة كإضافتهم بعض الأشياء إلى" أن" قال الشاعر :
__________________
(١) سورة النمل ، الآية : ٥٦.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٩٠.
(٣) المقتضب : ٤ / ١٧٤ ، الخزانة : ٤ / ٢٨٢ ، والمغني : ١ / ٣١١.