تظلّ الشّمس كاسفة عليه |
|
كآبة أنها فقدت عقيلا (١) |
وتقول : أنت أهل أن تقول. (أهل) عاملة في" أن" كأنك قلت : أنت مستحق أن تفعل.
وسمعنا فصحاء العرب يقولون : لحق أنه ذاهب فيضيفون. كأنه قال : ليقين ذاك أمرك. وليست في كلام كل العرب. و" أمرك" هو خبر هذا الكلام لأنه إذا أضاف لم يكن كقولك : لحق ذاك من خبر. وإنما قبحه عندي حذف الخبر. ألا ترى أنك لو قلت لعبد الله فأضمرت الخبر لم يحسن. ولا يبعد خبر مثل هذا أن يضمر وتقول : أنه خليق لأن" يفعل" وأنه خليق أن يفعل" على حذف" وتقول : عسيت أن تفعل. فإن هاهنا بمنزلتها في قولك : قاربت أن تفعل أي قاربت ذاك. وبمنزلة : دنوت أن تفعل. وأخلولقت السماء أن تمطر أي : لأن تمطر. وعسيت بمنزلة أخلولقت السماء ولا يستعملون المصدر هاهنا كما لم يستعملوا الاسم الذي الفعل في موضعه كقولك : " بذي تسلم" لا يقولون عسيت.
ونقول : " عسى أن يفعل". وعسى أن يفعلا و" عسى أن تفعلوا"" فعسى" محمولة عليها" أن" كما تقول : دنا أن يفعلوا وكما قال : أخلولقت السماء أن تمطر. وكل هذا تكلم بها عامة العرب وكقوله" عسى" الواحد والجمع والمؤنث تدل على ذلك.
ومن العرب من يقول : " وعسيا" و" عسوا" وعست" وعستا" و" عسين". فمن قال ذلك كانت" أن" فيهن بمنزلتها في : " عسيت" في أنها منصوبة. وأعلم أنهم لم يستعملوا" عسى فعلك"" واستغنوا بأن تفعل" عن ذلك. كما استغنى أكثر العرب (بعسى) عن أن يقولوا : عسيا وعسوا. وبلو" أنه ذاهب" عن" لو ذهابه". ومع هذا أنهم لم يستعملوا المصدر في هذا الباب كما لم يستعملوا الاسم الذي في موضعه" يفعل" في عسى. وكاد. (يعني أنهم لا يقولون : عسى فاعلا ولا : كاد فاعلا) فترى هذا ومن كلامهم الاستغناء بالشيء عن الشيء.
واعلم من العرب من يقول : " عسى يفعل" لشبهها يكاد يفعل." فيفعل" حينئذ في موضع الاسم المنصوب في قولك : " عسى الغوبر أبؤسا فهذا مثل من أمثال العرب أجروا
__________________
(١) انظر العيني : ٢ / ٢٤١.