وقد قال الله عزوجل : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ)(١).
فإذا دخلت" أم" على الاستفهام فإنما تدخل من حيث كانت عطفا ويصير بمنزلة : " وهل كبير بكى ..." وكيف ينفع ما تعطي العلوق به". ومن يجيب المضطر إذا دعاه.
وإنما صارت الألف تدخل على هذه الحروف التي ذكرنا" الفاء" و" الواو" و" ثم" ولم تدخل" هل" عليهن.
لأن ألف الاستفهام قد تدخل على بعض الكلام ولا يكون ما بعدها كلاما تاما. كقولك لمن قال لك : ضربت زيدا. أزيدنيه؟
ولمن قال : مررت بزيد. أزيدنيه؟
ويقول الرجل : كم غلمانك. أثلاثة أم أربعة؟ فتجعله بدلا من" كم" وحدها وهي بعض الجملة.
ويقول الرجل : مررت بزيد. فيقال : أبزيد؟ وهو بعض الجملة.
وتقول للرجل : أقائما والناس قعود؟ وأمقيما وقد رحل القوم؟
ولا يجوز شيء من ذلك في" هل" ولا يكون" هل" إلا لاستقبال الاستفهام ولا يقتطع بها بعض الكلام.
فلما كان ما في أوله" الواو" و" الفاء" و" ثم" من جملة عطف عليها" بالواو" و" الفاء" و" ثم" صار ما فيه شيء من هذه الحروف بعض الجملة ، فاقتطعت بالألف من الجملة ولم يجز اقتطاعها" بهل" لما ذكرناه.
وقد احتج سيبويه في أول أبواب" أو" للفرق بين" هل" و" الألف" فقال : " وذلك أن هل ليست بمنزلة ألف الاستفهام لأنك إذا قلت : هل تضرب زيدا؟ فلا يكون أن يدعى أن الضرب واقع.
__________________
... |
|
رئمان أنف إذا ما ضن باللبن |
انظر الخصائص : ٢ / ١٨٤ ، الهمع : ٢ / ١٣٣ ، ابن يعيش : ٤ / ١٨ ، الأشباه والنظائر للسيوطي : ١ / ٣٢٩.
(١) سورة النمل ، الآية : ٦٢.