الأخذ.
وقولك" أخذته بلا ذنب" وغضبت من لا شيء" لا" بمعنى" غير" واستعملت في معنى" غير" لما بينهما من الاشتراك في الجحد ؛ لأن" غيرا" مسلوب عنها ما أضيفت إليه.
فإذا قلت : مررت بغير صالح ، فغير هو الذي مررت به و" صالح" لم تمرر به وقد سلب من (غير) الصلاح الذي هو لما أضيف إليها.
فإذا قلت : أخذته بلا ذنب وغضبت من لا شيء فمعناه : أخذته بغير ذنب وغضبت من غير شيء" فغير" مخفوض بحرف الخفض الذي دخل. فإذا جعلت مكان" غير"" لا" ف" لا" حرف لا يقع عليه حرف الخفض ، فوقع حرف الخفض على ما بعد" لا".
وعلى هذا : " ما كان إلا كلا شيء" أي : إلا كغير شيء وحين غير مال.
ومعنى قوله : أخذته بغير ذنب : لا يراد به : أخذته بشيء هو غير ذنب ، وكذلك جئت بغير شيء لا يراد به : جئت بشيء هو غير شيء. وإنما يراد به : جئت خاليا من شيء معك. وهذا معنى قوله : رائقا لأن الرائق : الخالي واشتقاقه من راق الشراب أي صفا ، كأنه جاء ولم يعبق به شيء سوى نفسه.
وقوله : " حين لا حين محن"" حين" منصوب" بلا" كقوله : لا مثل زيد ولا غلام رجل ، وخبره محذوف وهي جملة. وحين الأولى مضاف إليها كما تضاف أسماء الزمان إلى الجمل وتقديره : لا حين محن لنا و" لنا" هو الخبر.
وأما : " حين لا حين" فحين الأولى مضاف إلى الثاني و" لا" فيها فصلت بين الخافض والمخفوض كفصلها في : " جئت بلا شيء" و" غضبت من لا شيء" كأنه قال : حين لا حين فيه لهو ولعب. أو نحو ذلك من الإضمار ، وهو قبل دخول" لا" تقديره : حين حين فيه لهو ولعب.
وقوله : حياتك لا نفع ، فهو عند سيبويه ضعيف ؛ لأنه لم يكرر على ما تقدم من حكم تكريرها وتثنيتها.
قال أبو العباس محمد بن يزيد : لا أرى بأسا أن تقول : لا رجل في الدار ، وتجعله جواب قوله : هل رجل في الدار ، وجائز أن يكون لرجل واحد وجائز أن يكون في موضع جميع كما كان في" هل" كذلك.
ألا ترى أن قوله : لا رجل في الدار لا يكون إلا في موضع جميع ؛ لأنه جواب : هل من رجل في الدار؟ وقوله :