كما أنه إذا دخل عليه ياء النسبة سقط حكم الصدر فانصرف ، وذلك قولك هؤلاء صياقلة ومهالبة وصيارفة كما تقول : هذا مدائنيّ ومعافريّ.
على أن في الواحد مثل ذلك كقولهم : رجل عباقية وهو الدّاهي.
وقد تسقط ألف الجمع تخفيفا فيقال : جندل ، وذلذل يريدون جنادل وذلاذل وهي أسافل القميص الطويل ويصرفونه ؛ لأنه نقص على البناء المانع للصرف.
وقد ترد أسماء أواخرها ياء ، لفظها كلفظ الجمع ، وهي مصروفة ، والياء مذهوب بها إلى أنها ياء النسبة.
وربما ذهبوا ببعضها إلى الجمع ، فمن ذلك : " يمان" و" شام" و" تهام" تقول : رأيت يمانيا ، وشاميا ، وتهاميا ، وكأن الأصل يمنيّ وشأميّ ، وتهاميّ ، فجعلت الألف عوضا من إحدى الياءين وفي" تهام" لغتان" تهاميّ" بكسر التاء وتشديد الياء وهي منسوبة إلى" تهامة ، والأخرى تهام" بفتح التاء في الرفع والجرّ ، وفي النصب رأيت تهاميّا.
قال سيبويه : كأن الأصل فيه" تهميّ" وإن لم يستعمل قياسا على" يمنيّ" وتجعل الألف عوضا من إحدى الياءين.
ومن ذلك" ثمان" تقول : هذه ثمان ، ورأيت ثمانيا ، والأصل عنده ثمنيّ فعملوا به ما عملوا بيمان.
وكذلك قالوا في" رباع" هذا رباع ، ورأيت رباعيّا ، ومثله مما لم يذكره سيبويه ، ولا غيره في هذا المعنى قولهم : رجل شناح للطويل ، ورأيت شناحيّا ، كل ذلك يذهب به مذهب النسبة.
وقد ذكر أن بعض العرب ترك صرف" ثمان" على مذهب الجمع ، كأن الواحد" ثمنى" والجمع ثمان كما قالوا : ملهى ، وملاه وأرطى ، وأراط.
وأنشد :
يحدو ثماني مولعا بلقاحها |
|
حتّى هممن بزيغة الإرتاج (١) |
ولو سميت رجلا ب" كراهي" من قولنا : كراهية ، و" بعلاني" من علانية فالوجه أن يجعل" كرباع" ، و" شناح" ، ولو ترك صرفه كما ترك صرف ثمان كان مذهبا.
__________________
(١) ينسب البيت إلى ابن ميادة في خزانة الأدب ١ / ١٦٠.