فكان الزجاج يجيز (إلا قوم يونس) على لغة أهل الحجاز.
وعلى لغة بنى تميم : فقدر في لغة أهل الحجاز : (فهلا كان قوم بني آمنوا إلا قوم يونس) ثم قال : " ويجوز البدل وإن لم يكن الثاني من جنس الأول" يريد لغة بنى تميم ...
وقد ذكرنا بطلان البدل في نحو هذا.
ولعل الزجاج جوز البدل ؛ لأن : هلا كانت قرية ، معناه : ما آمنت قرية إلا قوم يونس.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) [الحج : ٤٠] معناه : بغير حق يجب للكفار به إخراج المؤمنين من ديارهم. وأن يقولوا ربنا الله (وليس بحق للكفار يجب به لهم إخراج المؤمنين فصار على معنى : ولكن).
وقوله (لا تكونن من فلان إلا سلاما بسلام). معنى (لا تكونن من فلان) أي لا تخالطنه ، وقوله : (سلاما بسلام) أي : متاركة. من قوله عزوجل : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)(١) أي براءة ومتاركة فكأنه قال : لا تخالطنه إلا متاركة. وليست المتاركة من المخالطة في شيء فصار المعنى : لا تخالطه ولكن : تاركه.
وقوله : (ما زاد إلا ما نقص). (وما نفع إلا ما ضر) فما مع الفعل بمنزلة المصدر وكأنه قال : ما زاد إلا النقصان ولا نفع إلا الضرر. وفي (زاد) و (نفع) ضمير فاعل جرى ذكره كأنه قال : ما زاد النهر إلا النقصان. وما نفع زيد إلا الضرر على معنى : ولكنه نقص. ولكنه ضر وتقديره : ما زاد ولكن النقصان أمره. وما نفع ولكن الضرر أمره. فالنقصان والضرر مبتدأ وخبره محذوف وهو : أمره. وهو نحو ما ذكره أبو بكر مبرمان في تفسير من فسره له.
وأما قوله :
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم (٢)
فإنه بمعنى (ولكن) على ما ذكره في الباب وقد يحتمل في لغة بنى تميم رفع (غير) كما يقول القائل : (لا عيب في زيد إلا الجود). (ولا عيب فيه إلا الشجاعة والضرب بالسيوف). ويجوز فتح (غير) على غير هذا المذهب لإضافته إلى (أن) كما قبح :
__________________
(١) سورة الفرقان ، من الآية ٦٣.
(٢) صدر بيت سبق تخريجه.