وكذا ، وإنما يريد ما منهما واحد مات ومثل ذلك : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) [النساء : ١٥٩]. ومثل ذلك من الشعر قول النابغة الذبياني :
كأنك من جمال بني أقيش |
|
يقعقع خلف رجليه بشنّ (١) |
أي كأنك جمل من جمال بني أقيش.
ومثل ذلك أيضا قوله :
لو قلت ما في قومها لم تيثم |
|
يفضلها في حسب وميسم (٢) |
يريد : ما في قومها أحد ، فحذفوا ، كما قالوا : لو أنّ زيدا هاهنا ، وإنما يريدون : لكان ، كذا وكذا. وقولهم : ليس أحد أي ليس : هاهنا أحد فكلّ ذا حذف تخفيفا ، واستغناء بعلم المخاطب بما يعني.
ومثل البيتين الأولين قول الشاعر ، وهو ابن مقبل :
وما الدهر إلا تارتان فمنهما |
|
أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح (٣) |
وإنما يريد : فمنهما تارة أموت وأخرى ...
ومثل ذلك قولهم : ليس غير ، هذا الذي أمس ، يريد : الذي فعل أمس.
وقوله ، وهو العجاج :
بعد اللّتيا واللّتيا والتي (٤)
فليس حذف المضاف إليه في كلامهم بأشدّ من حذف تمام الاسم.
قال أبو سعيد : الحذف الذي استعملوه بعد إلا وغير إنما يستعمل إذا كانت إلا وغير بعد ليس ، ولو كان مكان ليس غيرها من ألفاظ الجحد لم يجز الحذف. لا تقول بدل ليس إلا : لم يكن إلا : لم يكن غير.
قال أبو الحسن الأخفش : إذا أضفت غير فقلت : غيره ، أو غير ذلك أو نحوه ، جاز
__________________
(١) البيت في الخزانة ٥ : ٦٧ / ٦٩ ؛ ابن يعيش ٣ / ٥٩ ؛ الكتاب ٢ / ٣٤٥ ؛ تاج العروس (وقش ، قعع ، شنن) ؛ المقتضب ٢ / ١٣٨.
(٢) البيت منسوب لحكيم بن معية الربعي ، الخزانة ٥ / ٦٢ ، ٦٣ ؛ ابن يعيش ٣ / ٥٩ ؛ الكتاب ٢ / ٣٤٥.
(٣) البيت في الخزانة ٢٣١.
(٤) البيت في ديوانه ٦ ؛ الخزانة ٦ / ١٥٤ ؛ ابن يعيش ٥ / ١٤٠ ؛ الكتاب ٢ / ٣٥٧ ، ٣ / ٤٨٨ ؛ ولسان العرب (لتا) ؛ المقتضب ٢ / ٢٨٩.