فيه الرفع والنصب. فأمّا من نصب فقال : جاءني زيد ليس غيره فإنه يضمر الاسم ، فكأنه قال : ليس الجائي غيره ، أو ليس الآمر غيره أو نحو ذلك. وأمّا من رفع فإنه يضمر الخبر المنصوب ، ويقول : جاءني زيد ليس غيره أي ليس غير هذا صحيحا ، أو نحو هذا مما يكون خبرا له ، ويجوز عنده إذا أضاف غيرا أن يأتي بها بعد لم يكن ، فتقول : جاءني زيد لم يكن غيره ، وغيره : بالرفع والنصب على التفسيرين اللذين فسرنا ، وزعم أنّ الضمير في كان كثير ، نحو قولك : إن خيرا فخير وإن خير فخير على إن كان ، وقال : تقول : جئتني ليس غيرك ، وليس غيرك ، ولم يكن غيرك ، وغيرك. فإذا ذكر غير ولم يضفها فإن الأخفش أجاز فتحها وضمها على نية الإضافة ، وشبّهها ب :
يا تيم تيم عديّ .. (١) |
|
... |
وزعم أن تيم الأول قد حذف منه المضاف إليه وبقي على لفظ ما هو مضاف غير منون. وذكر الأخفش أنّ بعضهم ينوّن غيرا ؛ لأنه في اللفظ غير مضاف ، وينبغي أن يكون تنوينه على وجهي الرفع والنصب جميعا.
وقال المجرمي : أخذت عشرة ليس إلا ، وليس غير ، يضمّون ، وأجوده. ليس غيرها ، وليس إلا إياها.
قال أبو سعيد : يقيسه على قولهم : أتاني القوم ليس زيدا ، وباقي ما ذكره في الباب من الحذف مفهوم.
قال أبو سعيد : أكثر ما يأتي الحذف مع من ؛ لأنّ من تدل على التبعيض ، وأقلّ أجزاء العدد واحد ، وقد جاء في القرآن وإن من أهل الكتاب إلّا ليؤمننّ به وجاء الحذف مع في ، وليس مثل من في الكثرة.
وقوله : فمنهما أموت ، أي : فمنهما تارة أموت فيها أو أموتها ، وأخرى أبتغي فيها العيش أو أبتغيها.
وقوله : بعد اللّتيّا واللّتيّا والتي حذف صلة هذه الموصولات ، وذلك في شدّة الأمر وعظمه. فكأنه قال : بعد الحال التي تناهت شدتها ، أو عظمت بليّتها ، أو نحو ذلك من تعظيم أحوال الشّدة ، وهذا كلّه احتجاج في حذف الاسم بعد إلا.
قال أبو سعيد :
__________________
(١) جزء بيت سبق تخريجه.