السفن بسهولة مع أنها ضيقة ، وهي تمتد على مسافة ثلاثة أميال بحرية داخل اليابسة ، تعبرها قناة أنشأها الرومان ، وتتعرض بسبب انفتاحها على البحر لظاهرة المد والجزر التي تأتي لها بكمية وافرة من السمك تمكن السكان من صيدها والمتاجرة بها ، وهذا ما هيأ لهذا الوطن حياة رغدة ؛ وقد صادف حلولنا ببنزرت وقت صيد أسماك الحنكليس أو أنقليس (Anguilles) والبكورة (Pelamydes) والبوري (Mulets) والقاروس (Loups) ، وهي أصناف تختلف كميتها في البحر من شهر إلى آخر ، ويعتبر الصيد وفيرا إذا أمكن الحصول على كمية من البوري تملأ قوارب بأكملها ، فيفرغ السمك من بيضه ليجفف على حدة ، وهو ما يعرف بالبطارخ (La Poutargue) الذي يؤكل مع الزيت والخل وهو من الأطعمة الشهية ذات المذاق اللذيذ.
ومدينة بنزرت بنيانها منتظم ويعطي منظرا جميلا ومن بين آثارها القديمة نقش عثرنا عليه وقد كتب عليه هذه الكلمات :
" Imp. Caes. M. Aurelius Antonius Pius Felix Augustus
Parthicus Max. Britanicus Max. Ge anicus Max. trib. Pot. XVIII. Cos III. P. P. resticuit XLIX".
لقد أبدى كل من قنصل فرنسا وقنصل إنكلترا استعدادهما لاستقبالنا في مدينة تونس وتقديم ما يعود علينا بالفائدة في رحلتنا ، وبالفعل تسابقا على استضافتنا ، فأرسل إلينا قنصل فرنسا الفارس سان جيرفي Le chevalier Saint ـ Gervais)) (١) مترجمه مع عربات لنقلنا من بنزرت ، وعندما وصلنا مدينة تونس وجدنا أنفسنا في بيت القنصل الفرنسي وبه كل ما يمكن أن نتمناه في إقامتنا ،
__________________
(١) لسانت جيرفي كتاب عنوانه" مذكرات تاريخية تتعلق بالحكومة القديمة والجديدة لمملكة تونس ، طبع بباريس سنة ١٧٣٦.
Saint ـ Gervais, Me؟moires historiques qui concernent le gouvernement de l\'ancien et du nouveau de Tunis, ٦٣٧١, I vol, in ـ ٨.
[تعليق صاحب الرحلة].