المدينة في منأى عن قنابل السفن الأوربية عكس مدينتي الجزائر وطرابلس المعرضتين مباشرة لهذه القنابل لكونهما تقعان على شاطئ البحر.
يبعد ميناء تونس عن المدينة بفرسخين ويدافع عنه حصن يعرف بقلعة حلق الوادي (١) ، وهذا الحصن يحمي أيضا القناة التي تصل البحر بالبحيرة المتاخمة لمدينة تونس ، وهذا ما جعله بمثابة القلعة التي تدافع عن المدينة ، فقد تصدى طويلا لقوات شرلكان سنة ١٥٣٥ عندما بادر هذا العاهل بإعادة مولاي حسن ملك تونس الذي كان تحت حمايته إلى مملكته بعد أن طرده منها القرصان الشهير بربروسة (٢).
__________________
(١) قلعة أو حصن حلق الوادي ، استمدت اسمها من كونها لسانا بحريا يصل تونس بالبحر تفصله مرتفعات عن قرطاج ، وعرفت لدى الأوربيين بلاغوليت (La Goulette) ، وهي كلمة إيطالية محرفة (Goleta) من تسمية حلق الوادي العربية. ارتبط تاريخ هذه القلعة بمدينة تونس التي تفصلها عنها مرتفعات البلفيدير (Belve؟de؟re). شهدت العديد من المعارك الحاسمة منها استيلاء خير الدين بربروسة على مدينة تونس (١٥٣٤) ، وحملة شرلكان على تونس (١٥٣٥) الذي حول قلعة حلق الوادي إلى مقر الحكم الإسباني بتونس مع بسط الحماية الإسبانية على الدولة الحفصية. اهتم بها الدون خوان النمساوي ، فعمل على تجديد عمارتها (١٥٧٣) بعد انتصاره في معركة الليبانت البحرية على العثمانيين ، لكن الأسطول العثماني بقيادة سنان باشا والقوات المساندة له تمكن من الاستيلاء عليها واسترجاع تونس وإلحاقها بالدولة العثمانية (١٥٧٤).
(٢) هو خير الدين بربروسة (Barberousse) الذي عرف مع أخيه عروج بالأخوين بربروسة ، بأنهما من أشهر رياس البحر العثمانيين ، استطاعا بعد انتقالهما من جربة إلى تونس ومنها إلى الجزائر ، أن يتصديا للتوسع الإسباني بسواحل بلاد المغرب العربي ، فاستقرا بمدينة الجزائر بطلب من حاكمها سليم وتأييد من سكانها ، وعملا على توحيد البلاد وطرد الإسبان ، وبعد استشهاد عروج في وادي المالح بالغرب الجزائري (١٥١٨) وتصميم الإسبان على احتلالها ، التحقت الجزائر بنصيحة من خير الدين وبطلب من أعيانها بالدولة العثمانية ، فأمدها السلطان سليم بألفي إنكشاري ، وبذلك استطاع خير الدين القضاء على القلعة الإسبانية أمام مدينة الجزائر وتحويل الجزائر إلى قاعدة بحرية متقدمة للدولة العثمانية ، مما أدى إلى تصفية الوجود الإسباني بالجزائر وتونس وطرابلس ، وإحباط حملة شرلكان