تسمح لي ولمرافقي بالتوغل أكثر في البلاد ، فانعدام الماء وشدة الحرارة غير المحتملة والجبال الرملية المتحركة التي رأينا نموذجا منها في هذه النواحي كلها كانت السبب في عدم قيامنا بذلك ، فكان علينا في مثل هذا الوضع أن نكون ضمن قوافل تضم عددا كبيرا من المسافرين ، مما يتوجب علينا انتظار الفرصة السانحة لمثل هذا السفر الذي ينظر إليه السكان هنا بأنه مهمة خطيرة بل عمل متهور ، ومع ذلك فإنه لم يكن ينقصني والتصميم على القيام بهذه المغامرة ، وإنما حال دون ذلك أن المجموعة التي ترافقني لم تكن بالعدد الكافي الذي يمكننا من القيام بذلك.
وكما سبق لي أن جبت تخوم بلاد المغرب أثناء هذه الرحلة ، فسوف أعود إلى تونس حالما تسمح الظروف بذلك ، حيث بقي علي أخذ بعض الملاحظات ، ومنها سوف أبذل ما في وسعي للوصول إلى أحد موانئ المحيط الأطلسي للقيام برحلة إلى منطقة السنغال (١).
__________________
(١) لم يتمكن هابنسترايت من متابعة رحلته ، ولم يستطع الرجوع إلى تونس أو الانتقال إلى منطقة إفريقيا الغربية بسبب موت الملك البولوني أغسطس الثاني سنة ١٧٣٣ الذي وجد عنده الرعاية ، ولتوتر الأوضاع في أوربا نتيجة السياسة التوسعية للملك الفرنسي لويس الرابع عشر والتي تسببت في حرب سبع سنوات (١٧٥٦ ـ ١٧٦٣) التي قضى فيها هابنسترايت نحبه بالطاعون أثناء قيامه بمعالجة الجنود في الجبهة في شتاء عام ١٧٥٧.