أربعة فرسان بمرافقتي إلى برج حمزة (Pourtchatampa) (١) ، وكانت رغبتي كبيرة في معاينة هذا المكان ، فقد ذكروا لي بأن به بعض الآثار الرومانية ، فكانت حقا جولة موفقة لم أندم على القيام بها ، إذ شاهدت آثار مدينة كبيرة ، ووقفت عندها على نهاية سلسلة جبال الأطلس الكبير وبداية المناطق الصحراوية ، وقد استقبلنا حاكم البرج وأطلعناه على رسائل التوصية التي بحوزتنا ، فاستقبلنا بحفاوة وأهدى لنا غزالة صغيرة ، ومع أن هذه الحيوانات الضعيفة جدا لا تتحمل كثيرا الرطوبة ، فإنه لو حالفنا الحظ في نقلها إلى ساكسونيا مع غزالة أخرى كانت لدينا تكبرها بعض الشيء ، فسوف تكون محل معاينة مباشرة واختبار مركز.
وفي المساء عند ما أخذنا مكاننا للنوم أحسسنا بهزة أرضية ، فسمعنا في أول الأمر دويا كبيرا وصوتا عميقا في شكل دمدمة شعرنا بعدها باهتزاز المكان الذي كنا ننام فيه بشدة ، وقد تأثرت بهذا الزلزال مدينة الجزائر في نفس الوقت ، ولحسن الحظ فإن هذا الزلزال اقتصرت آثاره بالنسبة لنا على إثارة الهلع في نفوسنا ، وكانت خشيتنا من أن تتبع هذه الهزة ارتدادات قوية ، وهذا أمر غالبا ما يحدث في موريطانيا (شمال إفريقيا) ، فمدينة الجزائر وضواحيها لا زالت بها آثار تدمير زلزال سنة ١٧١٦ ماثلة للعيان (٢).
__________________
(١) لقد اخطأ صاحب الرحلة في تحديد هذا الموقع ، فالصحيح أن هذا الموقع هو سور الغزلان (أنظر هامش رقم ٧٦) ، وليس برج حمزة (أنظر هامش رقم ٧٧).
(٢) لقد عرفت البلاد الجزائرية العديد من الهزات الأرضية العنيفة منذ العصور القديمة وحتى الآن ، وقد كان لها تأثير مدمر على العمران ، هذا وتعرضت مدينة الجزائر في العهد العثماني للعديد من الزلازل المدمرة أهمها حدث سنوات ١٦٣٢ ، ١٦٣٩ ، ١٦٦٥ ، ١٦٧٦ و ١٧١٦ ، ١٧٢٣ ، ١٧٢٤ ، ١٧٣٥ ، وقد تميز زلزال ١٧١٦ بشدته وهو الزلزال الذي أشار إليه صاحب الرحلة وعاين آثاره المدمرة ، فقد ألحق هذا الزلزال خرابا بمدن الجزائر وشرشال وبجاية ، بعد أن تكررت هزاته المدمرة أيام ٣ و ٥ و ٢٦ فبراير ١٧١٦ ، وقضى حسب بعض المصادر على حوالي عشرين ألف نسمة من سكان مدينة الجزائر وما حولها ، واضطر السكان إلى التحول إلى فحص المدينة بعد أن تهدمت أغلب منازلهم