وفي مقابل ذلك فإن مدينة الجزائر تتفوق في الدفاعات بفضل قلاعها وحصانة موقعها الطبيعي بفعل الجبال العالية التي تحيط بها ، إذ يتحتم على كل مهاجم لها احتلال تلك المرتفعات قبل القيام بأي عمل عسكري ذي أهمية ، فالإمبراطور شرلكان ورغم كل قوته لم يتمكن من النيل منها ، وإن كان فشله في حملته عليها يعزى إلى فعل العاصفة البحرية التي حطمت أسطوله أكثر من كونه يعود إلى حصانة مدينة الجزائر (١) ، فالحصن الذي قام ببنائه والذي لا زال حتى الآن يحمل اسمه ويعرف لدى السكان" بحصن الإمبراطور" ، شيد للدفاع عن المدينة وحماية الميناء ، إلا أنه من الممكن أن يكون هو السبب في فشل حملة الإمبراطور عندما وقع في أيدي أعدائه ، وهذا أمر ممكن الحدوث حسبما تبين لنا ذلك من معاينة موقع الحصن (٢).
إن خبر اقتراب الأسطول الإسباني حدث غير مألوف في البحر المتوسط منذ عهد فيليب الثاني ، فقد أحدث فزعا لدى حكومة الجزائر حتى أن الداي نفسه رأى أنه من الأنسب أن يرسل مختلف الأشياء الثمينة إلى قنصل السويد ليحتفظ بها له ، وأثناء ذلك لم يكن الجزائريون متأكدين من أن
__________________
و ١٦٨٨ بقيادة ديستري ، و ١٦٨٩ بقيادة الفارس بول. أنظر ناصر الدين سعيدوني ، البحرية الجزائرية ، المصدر نفسه ، ص ص. ٢٠٦ ـ ٢٠٨.
(١) لم يتقبل الأوربيون هزيمة الإمبراطور شرلكان في حملته على مدينة الجزائر عام ١٥٤١ والتي جند فيها ٤٥١ سفينة و ١٢. ٣٣٠ بحارا ، في وقت كان فيه خير الدين بربروسة في إستانبول يتولى قيادة الأسطول العثماني ، وينوب عنه في حكم الجزائر وكيله حسن آغا.
وقد حاول الأوربيون إيجاد مبررات لهذه الهزيمة مثل وقوع العاصفة وتخليه على الحصن الواقع أعلى مدينة الجزائر والمعروف بحصن الإمبراطور ، مع العلم بأن تراجع قوات الإمبراطور يعود أساسا إلى استبسال فرق الإنكشارية ومشاركة السكان في الدفاع عن المدينة بقيادة حسن آغا ، واستهانة شرلكان وقادته بقوة وشجاعة المدافعين عن المدينة ، الأمر الذي أرغمهم على التراجع الذي تحول إلى هزيمة ساحقة كادت أن تنتهي بالقضاء على الإمبراطور شرلكان لو لا تمكنه من الانسحاب إلى بجاية ومنها إلى إسبانيا.
(٢) للتعرف أكثر على حصن الإمبراطور ، أنظر هامش رقم ٢٠.