على شرفه وتنظم بهذه المناسبة مبارزات بين الجنود الأتراك يفوز بها من يستطيع لي رقبة خصمه وطرحه أرضا ، فيحظى بمرتبة المنتصرين ، وتعطى له صرة وهي عبارة عن كيس من القروش ، وهو مبلغ غير ذي بال إذا ما قورن بما أحصل عليه كطبيب أجنبي يرعى صحة الداي.
وفي أثناء ذلك خطر للآغا ابن الداي أن يستبقيني عنده أياما أخرى لأنه كان يرغب في أن يصور له الرسام الذي بصحبتنا حصانه حتى يتمكن من ترويض المهرات بعرض صورة الحصان أمامها أملا في أن تلد تلك المهرات أحصنة لها نفس لون حصانه وخصائصه ، فلم نجد بدا من الاستجابة وتلبية رغبته تقديرا للمودة التي أظهرها لنا أثناء إقامتنا في مدينة الجزائر وسفرنا معه داخل إقليمها.
لقد غادرنا مدينة الجزائر في ٦ جوان (١٧٣٢) بعد طلب الإذن من الداي الذي أبدى رغبته بالمناسبة في رؤية رسومنا ومشاهدة حيواناتنا وأسماكنا. وبعد ستة أيام من الإبحار وصلنا عنابة في ١٢ جوان ، وقد كانت سواحل إفريقيا طيلة الرحلة على مرأى منا ، فقد تجاوزنا رأس بوقرعون ورأس الحديد ثم رأس الحمراء ، وقد صادف السفينة في إبحارها هبوب رياح متنوعة الاتجاهات تتخللها فترات ركود. والجدير بالملاحظة هنا أن التيارات البحرية كانت دائما ذات فائدة للبحارة بفعل تأثيرها بحيث تتمكن السفينة دائما من التحرك قدما في سيرها رغم انعدام الرياح ، تساعدها في ذلك حركة التيارات الدائمة بالمتوسط التي تتجه نحو الشرق والتي يمكن أن نعزي قوتها ، اعتمادا على بعض الحقائق الطبيعية ، إلى تأثير جزر الأرخبيل (١). وأثناء الإبحار في هذا الاتجاه كنا نتسلى أحيان برؤية الدلافين وأسماك أبو سيف أو الدوراد
__________________
(١) ربما يقصد بجزر الأرخبيل بعض الجزر الواقعة بالمحيط الأطلسي مثل جزر آصور ، وهذا شيء مستبعد والصحيح أن هذه التيارات مرتبطة بمضيق جبل طارق الذي تتميز حركة المياه به بتيارات بحرية تتجه نحو الشرق.