ووجدنا ملجأ نحتمي فيه من الحر في خيمة شيخ الدوار الذي سارع بتقديم بعض الزاد والعلف عندما قصدته أنا والمترجم مع مجموعة من الفرسان المصاحبين لي. بعدها تابعنا طريقنا على أمل أن نصل إلى دوار آخر نجد فيه مأوى مريحا وغذاء للأشخاص المصاحبين لنا ، ولكون هذا المكان يقع على مسافة بعيدة كان علينا اجتياز مناطق جبلية يحافظ سكانها على استقلالهم وهم في حرب دائمة مع رجال البايليك ، وبعد الوصول إلى هذا الدوار والتوقف فيه قصدنا شيخه الذي تسلم منا وصية موجهة إليه في شأننا من قائد عناية ، فبادر باستقبالنا بحفاوة كبيرة.
لقد قضينا ليلة مريحة على فرش صوفية أحضرت لنا ، ومع ذلك فإن هذا الوضع فاجأ رفاقي الذين بقوا في مدينة الجزائر عندما قمت بأول سفر لي داخل البلاد مع الآغا ، فمع أنهم كانوا يرغبون في الاستمتاع بهذه الرحلة إلا أنهم تفاجؤوا عند ما وجدوا أنفسهم مضطرين إلى قضاء الليلة تحت خيمة اسود لونها من دخان الموقد ، وأن يناموا بجانب الماعز والجديان ، وباستثناء هذه المفاجأة فإننا استطعنا النوم بأمان لأن حسن الضيافة إحدى خصال العرب ، فيسهرون جيدا على حراسة الأجانب ، وهناك كلاب متحفزة تثير الانتباه لأي محاولة هجوم قد يقوم بها رجال القبائل الأخرى ، فضلا على أن هؤلاء العرب يمتلكون الحراب والأسلحة النارية لرد المهاجمين ، وبالمناسبة وزعنا على مستضيفينا بعض الأدوية التي طلبوها منا ، وأثناء ذلك أحاط بنا جمهور من الناس الذين سرتهم رؤيتنا.
ومن الغد تابعنا طريقنا نحو مواطن قبيلة بني صالح التي كان شيخها مصاحبا لنا وقد تلقى أمرا من البايليك بتأمين سلامتنا ، فكان الفرسان المصاحبون لنا يسيرون دائما في المقدمة للتعرف على الأماكن الخطيرة التي تمكنا من اجتيازها بدون أن تعترضنا أية عراقيل ، وفي المساء وبعد أن اجتزنا مرتين النهر الذي ذكرته سلفا وصلنا إلى معسكر محلة باي قسنطينة.
والعرب التابعون لحكم مملكة الجزائر يأتمرون بأمر البايات الذين