المسلم به أن تسميتها مستمدة من اسم الإمبراطور قسطنطين لأن كل القطع المعدنية التي عثرنا عليها في تلك الجهات تعود إلى عهد هذا الحاكم وقد تحصلت على بعض منها وهي تعتبر من القطع النادرة ، وما دامت هذه المدينة تعتبر من أقدم المستعمرات الرومانية فمن المؤكد أنها كانت تحمل اسماء اخرى ، قبل أن تعرف باسم قسنطينة الذي احتفظت به الآن (١).
لا يمكن أن نكون فكرة دقيقة عن مدينة قسنطينة وماضيها المجيد بالاعتماد فقط على النقش المهشم الذي عثرنا عليه والذي وردت فيه كلمة الكابيتول (Capitole) بينما سجلت في نقوش أخرى كلمات تتعلق بالسلطة الثلاثية (Triumvirat) وباللقب الشرفي للحكم الروماني المعروف بالنظام القنصلي ، ولكني لم أوفق في إيجاد نقش يحدد معاني هذه العبارات ، لكون هذه الكتابات التذكارية التي تحملها المنشآت العامة والتي هي منحوتة على حجارة ضخمة قد استعملها العرب لتحصين منازلهم المتواضعة.
إن أهم الآثار القديمة التي تشد الانتباه في مدينة قسنطينة تتمثل في قنطرة رومانية وفي بعض حنايا المياه مع بقايا قوس نصر رائع المنظر. فالأثر الأول وهو القنطرة ، يعتبر أهم أثر روماني ظل سليما من التخريب في هذا البلد ، فالبناة الرومان شيدوا هذه القنطرة الرائعة من أجل إيصال الماء إلى
__________________
١٧٠٠ منزل ويقدر عدد سكانها بأكثر من ٠٠٠. ٢٥ نسمة ، ويمكنها أن تجند في حالات الحصار ما لا يقل عن ٠٠٠. ٨ رجل قادر حمل السلاح.
(١) بهذه الاعتبارات فإن الاسم الأول الذي حملته مدينة قسنطينة هو سرتا (Cirta) ، وهو موضوع نقاش بين المؤرخين من حيث دلالته. فلفظ سرتا الذي يلفظ قرتا (Kirta) وهو تحريف لكلمة قرطة (Cartha) البونية التي تعني المدينة ، ومن الجدير بالملاحظة فيما يتعلق باسم قسنطينة أن الترجمة الفرنسية لرحلة الطبيب شاو تحدد موقع قسنطينة على ساحل البحر ، بينما هي تبعد عنه بخمسة وعشرين فرسخا ، كما يتبين ذلك بالرجوع إلى الخريطة العامة لدول الشمال الإفريقي التي وضعها السيد برويه (M.Brue ?) [تعليق صاحب الرحلة].