قط فانتزعني من موضعي ومنعني من تغيير ثيابي ، فراعني ذلك منه ! فلما صرت إلى الدار سبقني الخادم فعرَّفَ الرشيد خبري فأذن لي في الدخول عليه ، فدخلت فوجدته قاعداً على فراشه فسلمت ، فسكت ساعة فطار عقلي وتضاعَفَ الجزع عليَّ ، ثم قال لي : يا عبد الله أتدري لم طلبتك في هذا الوقت ؟
قلت : لا والله يا أمير المؤمنين ! قال : إني رأيت الساعة في منامي كأن حَبَشِيّاً قد أتاني ومعه حربة فقال لي : إن تُخَلِّ عن موسى بن جعفر الساعة ، وإلا نحرتك بهذه الحربة ! فاذهبْ فخلّ عنه !
فقلت : يا أمير المؤمنين أطلقُ موسى بن
جعفر ؟! ثلاثاً ، قال : نعم ، إمض الساعة حتى تطلق موسى بن جعفر ، وأعطه ثلاثين ألف درهم ، وقل له : إن أحببت المقام قِبَلَنَا فلك عندي ما تحب ، وإن أحببت المضيَّ إلى المدينة ، فالإذن
في ذلك إليك ! قال : فمضيت إلى الحبس لأخرجه ، فلما رآني موسى وثب إلي قائماً وظن إني قد أمرت فيه بمكروه ! فقلت : لا تخف ، وقد أمرني أمير المؤمنين بإطلاقك ، وأن أدفع إليك ثلاثين ألف درهم وهو يقول لك : إن أحببت المقام قبلنا فلك ما تحب ، وإن أحببت الإنصراف إلى المدينة فالأمر في ذلك مُطْلَقٌ إليك وأعطيته الثلاثين ألف درهم وخليت سبيله وقلت له : لقد رأيت من أمرك عجباً ! قال : فإني أخبرك : بينما أنا نائم إذ أتاني النبي صلىاللهعليهوآله
فقال : يا موسى حُبست مظلوماً فقل هذه الكلمات ، فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس ! فقلت : بأبي وأمي ما أقول ؟ فقال : قل يا سامع كل صوت ، ويا سابق الفوْت ، ويا كاسي العظام لحماً ومنشرها بعد الموت أسألك بأسمائك الحسنى ، وبإسمك الأعظم الأكبر المخزون