المكنون ، الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين ، يا حليماً ذا أناة لا يُقْوي على أناته يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ، ولا يُحْصَى عمداً ، فرِّجْ عني . فكان ما ترى » !
أقول : وروى نحوه في وفيات الأعيان : ٥ / ٣٠٨ ، وتأتي روايته من مصادرنا ، وهو يدل على أمور عديدة :
منها : عنف هارون وقسوته حتى أن كبار وزرائه وموظفيه يتوقع أحدهم أن يُحضره نصف الليل ويقتله ، دون أن يعرف السبب !
ومنها ، يدل تعجب رئيس الشرطة وسؤاله لهارون ثلاثاً عن أمره بإطلاق الإمام عليهالسلام ، على أن هارون كان أحضره ليقتله !
ومنها ، أن ذلك كان في حياة والدته خيزران لأنها ماتت سنة ١٧٣ ، وأنها لم تتدخل لإطلاق الإمام عليهالسلام ، وقد تكون وافقت على رأي يحيى البرمكي بضرورة قتل الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام .
كما تدل على أن الأمر بإطلاقه عليهالسلام كان في الليالي الأولى لسجنه عليهالسلام في تلك المرة وربما في الليلة الأولى ، ففي مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٤٢٢ : « لما حبس هارون الكاظم عليهالسلام جَنَّ عليه الليل فجدد موسى طهوره ، فاستقبل بوجهه القبلة وصلى أربع ركعات ثم دعا فقال : يا سيدي نجني من حبس هارون وخلصني من يده ، يا مخلص الشجر من بين رمل وطين ، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر ، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم ، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم ، ويا مخلص الروح من بيت الأحشاء والأمعاء ، خلصني من يد هارون الرشيد ! قال : فرأى هارون رجلاً أسود بيده سيف قد سله ... الخ . »