ولكن قم بنا على حول الله وقوته ، فركب هشام بغلاً كان مع رسوله ، وركبت أنا حماراً كان لهشام ، قال : فدخلنا المجلس فإذا هو مشحون بالمتكلمين .
قال : فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه وسلم على القوم وجلس قريباً منه ، وجلست أنا حيث انتهى بي المجلس ، قال : فأقبل يحيى على هشام بعد ساعة فقال : إن القوم حضروا وكنا مع حضورهم نحب أن تحضر ، لا لأن تناظر بل لأن نأنس بحضورك إذ كانت العلة تقطعك عن المناظرة ، وأنت بحمد الله صالح ليست علتك بقاطعة عن المناظرة ، وهؤلاء القوم قد تراضوا بك حكماً بينهم . قال : فقال هشام للقوم : ما الموضع الذي تناهيتم به في المناظرة؟ فأخبره كل فريق منهم بموضع مقطعه ، فكان من ذلك أن حكم لبعض على بعض ، فكان من المحكومين عليه سليمان بن جرير فحقدها على هشام ! قال : ثم إن يحيى بن خالد قال لهشام : إنا قد غرضنا من المناظرة والمجادلة منذ اليوم ، ولكن إن رأيت أن تبين عن فساد اختيار الناس لإمام ، وأن الإمامة في آل الرسول دون غيرهم؟
قال هشام : أيها الوزير العلة تقطعني عن ذلك ، ولعل معترضاً يعترض فيكتسب المناظر الخصومة ! فقال : إن اعترض معترض قبل أن تبلغ مرادك وغرضك فليس ذلك له ، بل عليه أن يتحفظ المواضع التي له فيها مطعن فيقفها إلى فراغك ، ولا يقطع عليك كلامك .
فبدأ هشام وساق الذكر لذلك وأطال
واختصرنا منه موضع الحاجة ، فلما فرغ مما قد ابتدأ فيه من الكلام في فساد اختيار الناس للإمام ، قال يحيى لسليمان بن جرير : سل أبا محمد عن شئ من هذا الباب ، فقال سليمان لهشام : أخبرني عن علي