أن عم الإسلام بلاد الأندلس ، وانهزمت أمامه جيوش الغرب العسكرية وبأن عوار تأخره ثقافيا وحضاريا ، فما كان منه إلا أن وجه كل اهتمامه للتعرف على هذه القوة التي قهرته وتغلغلت في أرضه حتى دكت أبواب دوله وعواصمه. فأرسل طلابه ينهلون من العلوم الإسلامية في معاقل العلم في ديار الإسلام ، فترجموا كثيرا من كتبه وعلى رأس ذلك القرآن الكريم للتعرف على هذا الدين العظيم كما طلبوا مدرسين يعلمونهم في مراكز العلم عندهم إلى غير ذلك من الأمور التي تدل على اهتمامهم بالشرق الإسلامي من وقت مبكر.
فمن هذه البعثات الدراسية التي جاءت تنهل العلم من ديار الإسلام.
١ ـ البعثة الفرنسية برئاسة الأميرة «إليزابيث» ابنة خالة «لويس السادس» ملك فرنسا.
٢ ـ البعثة الإنجليزية برئاسة الأميرة (دوبان) ابنة الأمير جورج صاحب مقاطعة (ويلز).
٣ ـ البعثة الأسبانية التي كانت سنة ١٢٩٣ م والتي بلغ تعداد طلابها (٧٠٠) طالب وطالبة (١) وكان من بين هؤلاء الطلاب بعض الرهبان فرجع هؤلاء لبلادهم يحملون علوم الشرق الإسلامي الباهرة.
وكان من بين الدعاة المتحمسين الذين طالبوا بضرورة تعلم لغات الشرق لغرض التنصير «روجر بيكون» (١٢١٤ ـ ١٢٩٤ م) و «رايموندلول» (١٢٣٥ ـ ١٣١٦ م) وكان لهذين المستشرقين الأثر الكبير في إنشاء كراسي تدريس اللغة العربية في الجامعات الغربية على أثر قرارات مجمع (فينا) الكنسي في عام ١٣١٢ م الذي وافق على أفكارهما واقتراحاتهما بذلك فأنشأ خمسة كراسي جامعية في خمس جامعات غربية لتعليم اللغة العربية منها : باريس ، اكسفورد ، بولونيا ، سلمنكا (٢).
__________________
(١) الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار ـ البهي الخولي ، ص ٥٣٢.
(٢) تراث الإسلام ـ لجنة الجامعيين لنشر العلم بحث الأدب ـ جب ١ / ٢٧١ ـ ٢٧٢.