المعجزة حيث يعتقدون أن أقنوم الابن التحم بعيسى في بطن أمه. وتفصيل هذا الاعتقاد أن النصارى يعتقدون أن الله تبارك وتعالى عاقب آدم وذريته بجهنم من أجل خطيئة آدم في الأكل من الشجرة ، ثم إنه حن عليهم بخروجهم من النار بأن بعث ولده فالتحم في بطن مريم بجسد عيسى (فصار إنسانا وإلها : إنسانا من جوهر أمه وإلها من جوهر أبيه ثم ما أمكنه من خروج آدم وذريته من النار إلا بموته. وبه يفدي جميع الخلق من الشيطان) (١).
هذه عقيدة النصارى مع فسادها الشديد تثبت ما في القرآن الكريم من خلق عيسى عليهالسلام من غير أب.
فالله القادر سبحانه وتعالى خلق عيسى عليهالسلام من أم بلا أب ، في حين خلق آدم عليهالسلام بلا أب ولا أم بكلمة الله النافذة (كن) مع أن التوراة ذكرت كذلك خلق آدم عليهالسلام من التراب. وينبغي أن يؤمن بهذا كل النصارى ومن بينهم «تسدال» وخلق آدم أصعب في المقياس البشري من خلق عيسى عليهالسلام. ولكن شتان بين قدرة الخالق والمخلوق فالقصة إذن حقيقة وواقعية لا كما زعم «تسدال» أنها خرافية وهي في الإنجيل المعتمد عندهم لا كما زعم أنها فقط ذكرت في كتاب (التاريخ القبطي للعذراء).
إلا أن الفرق بين الروايتين في الأسلوب المعجز واضح وسأذكر القصة كما وردت في القرآن الكريم (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا. قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا. قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا. قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا. فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا. فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا. فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ
__________________
(١) تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب ـ للميورقي ص ١٤٩.