عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر ليس هو آخر غير أنه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحولوا إنجيل المسيح](١).
والذي نعتقده أن ما ورد في القرآن مما أثاره «تسدال» كقصة كلام عيسى عليهالسلام في المهد وغيره مما لم يرد في الأناجيل المتداولة اليوم ، أو مما لم يرد فيها بصراحة قطعية قد ورد في النسخة الأصلية من الإنجيل من قراطيس وأناجيل كانت متداولة في أيدي النصارى أو بعض فرقهم ، وضاعت ، أو أبيدت فيما ضاع أو أبيد.
والآيات القرآنية كانت تتلى جهرة على الناس ، ويسمعها كثير من النصارى كما حصل مع [النجاشي وبطارقته حين سمعوها من المسلمين المهاجرين لديارهم فبكى النجاشي حتى أخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى بللوا مصاحفهم ، حين سمعوا ما تلي عليهم من الحق الموافق لما عندهم. وأكد هذا النجاشي حين قال لمن حوله : (إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة)](٢).
وكما سمعه وفد نصارى نجران حين قابلوا وسألوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عما أرادوا ثم دعاهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للإسلام وتلا عليهم القرآن فلما سمعوه فاضت أعينهم من الدمع ثم استجابوا لله وآمنوا به وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره (٣).
فإذا خلت الأناجيل اليوم من مثل هذه الأمور التي ذكرها القرآن فقد ذكرتها أناجيل أخرى لم يعتمدها النصارى اليوم أو كتب سير وتواريخ صحيحة.
ومن هذه الأناجيل التي اندثرت وذكرتها ، إنجيل الطفولة العربي الذي نص عليها بقوله : (تكلم في المهد صبيا ، وحين كان له سنة واحدة قال لأمه : يا مريم أنا يسوع ابن الله الذي ولدتني كما بشرك جبريل الملك ، وإني أرسلني لخلاص العالم).
__________________
(١) الكتاب المقدس ـ رسالة بولس لأهل غلاطية ـ الإصحاح الأول : (٦ ـ ٧.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ١ / ٣٦٠.
(٣) انظر سيرة ابن هشام ٢ / ٣٢.