وتجسد من روح القدس ومن مريم البتول وصار إنسانا .. وأخذ وصلب وقتل أمام «بيلاطس» ومات ودفن وقام في اليوم الثالث كما هو مكتوب ، وصعد إلى السماء وجلس على يمين أبيه ، وهو مستعد للمجيء تارة أخرى للقضاء بين الأموات والأحياء) (١).
هذه هي فلسفة عقيدة الصلب والفداء في النصرانية والعجيب أن النصارى لم تجمع على قضية عندهم كما أجمعوا على قضية الصلب والفداء.
والقرآن الكريم آخذ اليهود على كفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ) ثم بين كذب هذه الدعوى بقوله سبحانه : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)(٢).
ووضح أنه ما قتل ولا صلب بأيد يهودية ولا غيرها عليهالسلام ببيان أن الله سبحانه قد تاب على أبينا آدم عليهالسلام قال تعالى في ذلك : (.. وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى)(٣).
هذا من جهة. وأنه لا معنى لإرث أبنائه خطيئة لم يرتكبوها ومن جهة أخرى حيث قال سبحانه : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(٤).
وبناء على عقيدتهم وتصورهم للذات الإلهية اختلفوا في الصلب والقتل : (فزعمت النسطورية أن الصلب وقع على المسيح من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته. وزعم أكثر الملكانية أن الصلب وقع على المسيح بكماله ، والمسيح هو اللاهوت والناسوت.
وزعم أكثر اليعقوبية أن الصلب والقتل وقعا في الجوهر الواحد الكائن من الجوهرين هما الإله والإنسان ، وهو المسيح على الحقيقة ، وهو الإله ، وبه حلت
__________________
(١) الفكر الإسلامي في الرد على النصارى ص ٣٧٧.
(٢) سورة النساء آية : ١٥٦ ـ ١٥٨.
(٣) سورة طه آية : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٤) سورة الأنعام آية : ١٦٤.