وجود لها في الحس والواقع.
وفي هذا الدور يقع المريض بحركات مضطربة ، وقفز من مكان لمكان على صورة تلقي الذعر في قلب كل من يراه (١).
هذا الوصف لأعراض هذا المرض لم يكن يظهر منه شيء على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الذي كان يتمتع بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء بصحة جيدة وعقل رصين ، ونفسية هادئة ، وخلق كريم وحركات متزنة ، ويشهد لصحته وقوته صرعه «لركانة بن عبد يزيد» الذي كان أقوى عصره (٢) ويشهد لرجاحة عقله وسلامته ، فصله في خصومة قريش في شرف وضع الحجر الأسود في مكانه (٣). والطب لم يخرج لنا مريضا واحدا مصابا بمثل هذا المرض وقال كلاما معقولا وآراء راجحة.
قال المستشرق الفرنسي «ماسينيون» : [إن محمدا كان على تمام الاعتدال في مزاجه].
وهذا يناقض ما قاله «كارليل» : [إن محمدا كان حاد الطبع ناري المزاج].
وقال «ماكس مايرهوف» في كتابه (العالم الإسلامي) :
[لقد أراد بعضهم أن يرى في محمد رجلا مصابا بمرض عصبي ولكن تاريخ حياته من أوله إلى آخره ليس فيه شيء يدل على هذا. كما أن ما جاء به فيما بعد من أمور التشريع والإدارة يناقض هذا القول] ويقول «بلاتونوف» في (تاريخ العالم) : [وغاية ما نقدر أن نجزم به هو تبرئة محمد من الكذب والمرض](٤).
__________________
(١) انظر القرآن والمستشرقون ـ رابح جمعة ـ ص ٢٧ ومناهل العرفان للزرقاني ١ / ٧٤.
(٢) انظر الاستيعاب في تمييز الأصحاب ١ / ٥١٥ ـ ٥١٦.
(٣) انظر السيرة النبوية للذهبي ـ ص ٣٢ ـ ٣٣ طبعة دار الكتب العلمية ـ بيروت ط ١ ـ ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م.
(٤) القرآن والمستشرقون ص ٢٦ ـ ٢٧.