والمعروف أن الشيعة بذلوا جهدهم لإثبات هذه المسألة في سبيل أن يجدوا لعقيدتهم الدينية والسياسية مستندا من القرآن الكريم. وهذه العقيدة تتمثل في رفض الشيعة خلافة أهل السنة ، وتقديس علي والأئمة ، ورجعة الإمام المهدي المحتجز الذي يعيش في الخفاء. ومن هذا المنطلق كان التحريف الشيعي للروايات والافتراءات التي بها محاولة إثبات النقص في كتاب رب العالمين.
وقد أنكر على الشيعة هذه الافتراءات أحد عقلائهم «الإمام الطبرسي» صاحب (كتاب مجمع البيان لعلوم القرآن) و «الشريف المرتضى».
قال الإمام الطبرسي : «أما الزيادة في القرآن فمجمع على بطلانها وأما النقصان فهو أشد استحالة. ثم قال : إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام ، والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حد لم يبلغه شيء في الوجود لأن القرآن معجزة النبوة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حمايته الغاية القصوى حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من تفسيره وأحكامه وإعرابه وقراءاته ورسمه وضبطه وعدد آياته وعدد نقطه وحركاته فكيف يتخيل عاقل بعد تلك العناية الفائقة بالقرآن الكريم ، أن يحصل فيه نقص أو زيادة مع هذا الضبط الشديد» (١).
والذين ينسبون هذا الفعل للصحابة لا يعرفون مقدار حب الصحابة لهذا الكتاب العظيم الذي فاق حبه عندهم الأهل والولد.
لذا لا يعقل أن تتفق هذه الأمة التي أحبت هذا الكتاب وقدسته ، أن تتفق على مثل هذا العمل المفترى دون أن يقوم من ينكر ذلك ، مع أن الصدق والأمانة في الأداء والدقة في النقل كانت السمة البارزة لهم حتى إنهم اشترطوا لجمعه موافقة المحفوظ في الصدور لما هو عندهم مكتوب في السطور. بل إن
__________________
(١) انظر شبهات مزعومة حول القرآن الكريم ص ١٥٠ ـ ١٥١.