استثنوا من العمل «كعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب ، وآخرين» (١) ليؤكد ما زعمه على أن العمل كان لاعتبارات خاصة وينقصه التجرد والأهلية.
الجواب :
هذا الانفجار المزعوم من قبل «بلاشير» مرفوض لتحميله النصوص والمواقف أكثر مما تحتمل.
فبالنسبة لأبي بن كعب قد بينت سابقا أنه قد شارك فعليا في اللجنة ، ولم ينقل عنه أي اعتراض.
أما موقف علي فهو على غير ما صوره «بلاشير» فلم يكن قد سجل عليه أي اعتراض على اللجنة ، بل كان من المباركين لعملها ، المترحمين على عثمان ـ رضي الله عنه ـ لقيامه بهذا العمل العظيم حيث قال : «رحم الله عثمان لو وليته لفعلت ما فعل في المصاحف» وفي رواية «لو لم يصنعه عثمان لصنعته» (٢). وقد بين الإمام علي أن عثمان ـ رضي الله عنهما ـ لم يجمع القرآن إلا بموافقة ومرأى من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ حيث قال : «لا تقولوا في عثمان إلا خيرا ، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا» (٣).
فمن هنا يظهر دفاع الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ ، عن عمل أمير المؤمنين عثمان ـ رضي الله عنه ـ ومباركته له والترحم على صاحبه وعدم اعتراضه عليه ويؤكد هذا أن الخلافة قد آلت إلى علي ـ رضي الله عنه ـ ولم يظهر أي نقض ولا أي اعتراض لهذا العمل الجليل ، ولم يغير شيئا من القرآن الكريم. مما يدل على فساد غرض المستشرقين من هذا الكلام ، ووضوح افتراءاتهم.
أما بالنسبة «لعبد الله بن مسعود» ـ رضي الله عنه ـ فهو الوحيد من
__________________
(١) مقدمة على القرآن ـ بلاشير ص ٥٨ ـ ٦٣.
(٢) كتاب المصاحف ص ١٩ ـ ٣٠.
(٣) فتح الباري ٩ / ١٨ فضائل القرآن.