وأثاروا من ورائها نزاعات وفتنا في المنطقة ، وكذلك ليصفوا المجتمع بأوصاف من خيالهم السابح في الأوهام انطلاقا من رواسب دفينة في نفوسهم والمؤسف أن هذه الكتب تكتب عادة بأسلوب تهكمي قصصي يغذي خيال الشعوب الغربية الأوربية والأمريكية ويلبي رغباتهم ولهذه الكتب أثر سيئ في تصوير المسلمين تصويرا غير حقيقي كالتخلف والهمجية وغير ذلك. ثم ينتهز المستشرقون هذا اللون من الكتابة فيدونون ـ باسم البحث العلمي ـ كتبا في علم الأجناس ونفسية «فسيولوجية» الشعوب التي فيها ، مصورين أن الإسلام مختلف حسب هذه الأجناس فهناك إسلام الهند ، وإسلام تركيا ، وإسلام البربر ، وإسلام العرب .. إلخ وكل إسلام يختلف عن الآخر باختلاف أهله .. كل هذا ليتسلطوا على رقاب المسلمين بإشاعة الفرقة في نفوسهم (١) والذي يزور متاحف الغرب (٢) يجدها قد حوت من كل لون من ألوان التراث سواء كانت كتبا أو أواني أو سلاحا أو ملابس .. إلخ لتحقق لهم أغراضهم المتنوعة.
فعلينا جميعا أن ننتبه لهؤلاء المستشرقين ولأغراضهم من هذه السياحات واختيار أماكن معينة في بلادنا لتصويرها.
وقد ذكر «العقيقي» في كتابه كثيرا من هؤلاء الرحالة الذين زاروا المنطقة العربية وكتبوا أوصافا لها تفيد الغربيين في التعرف عليها فزودوا مكتباتهم ، ومتاحفهم بكثير من مؤلفاتهم وبما جمعوه من الخرائط ، والقطع الأثرية ، والمؤلفات القيمة. من هؤلاء الرحالة : «لورفيشودي بارتيما» البحار الإيطالي الذي طاف اليمن عام ١٥٠٨ م وكتب عنها تقريرا ضافيا.
ومنهم البعثة الدانمركية التي قامت بزيارة جنوب بلاد العرب سنة ١٧١٦ حيث قاموا بالتنقيب عن حضاراتها القديمة ، ورجعوا بخرائط ونقوش ، فألفوا
__________________
(١) المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي ـ إبراهيم خليل ص ٨٨ ـ ٩٠.
(٢) من أشهر المتاحف المتحف البريطاني في بريطانيا ، ومتحف فيكتوريا ، ومتحف أشمولين في أكسفورد ، ومتحف جراتس في النمسا ، ومتحف الفن الإسلامي في برلين والمتحف الوطني في باريس ، وغيرها كثير.