(وَجْهَ النَّهارِ) : أوّله ، وسمّي وجها لأنه أول ما يواجهك منه ، كما يقال لأوّل الثوب : وجه الثوب ، وقيل : لأنه كالوجه في أنه أعلاه وأشرف ما فيه.
(يَرْجِعُونَ) : يعودون ويرتدون عن دينهم.
* * *
مناسبة النزول
جاء في أسباب النزول ، للواحدي ، «قال الحسن والسدي : تواطأ اثنا عشر حبرا من يهود خيبر ، وقال بعضهم لبعض : ادخلوا في دين محمد أوّل النهار باللسان دون الاعتقاد ، واكفروا به في آخر النهار ، وقولوا : إنا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا ، فوجدنا محمدا صلىاللهعليهوسلم ليس بذلك ، وظهر لنا كذبه وبطلان دينه ، فإذا فعلتم ذلك شكّ أصحابه في دينهم ، وقالوا : إنهم أهل كتاب وهم أعلم به منا ، فيرجعون عن دينهم إلى دينكم ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأخبر نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين.
قال مجاهد ومقاتل والكلبي : هذا في شأن القبلة لما صرفت إلى الكعبة شق ذلك على اليهود لمخالفتهم ، قال كعب بن الأشرف وأصحابه : آمنوا بالذي أنزل على محمد من أمر الكعبة ، وصلّوا إليها أول النهار ، ثم اكفروا بالكعبة آخر النهار ، وارجعوا إلى قبلتكم الصخرة ، لعلهم يقولون : هؤلاء أهل كتاب وهم أعلم منا ، فربما يرجعون إلى قبلتنا ؛ فحذّر الله تعالى نبيه مكر هؤلاء ، وأطلعه على سرّهم ، وأنزل : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) الآية» (١).
ونلاحظ أن هؤلاء المتحدثين عن أسباب النزول لم يستندوا في ذلك إلى رواية ، بل انطلقوا في اجتهاداتهم في فهم الآية ومحاولة تطبيقها ممّا يفهمونه من الجو العام لليهود في الوقوف المضاد للإسلام ، أو ممّا جاء في آية تحويل القبلة
__________________
(١) أسباب النزول ، ص : ٦٠.