لمصالحهم الذاتية بعيدا عن مسألة القيم الأخلاقية ، لأنها لا تحكمهم في علاقاتهم بغير اليهود ، بل تحكمهم في المجتمع اليهودي في الداخل.
(وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في نسبتهم له هذا التشريع الظالم وهذه الإباحة للخيانة المالية للآخرين (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أن الله أمرهم بأن يكونوا مثال الأمانة مع الناس كلهم ، لأن القيمة الأخلاقية لا تتجزأ لتكون إيجابية مع جماعة من الناس وسلبية مع جماعة أخرى ، لأن علاقتها إنما هي بذات الإنسان في التزاماته الأخلاقية في نفسه بقطع النظر عن العناوين الأخرى المتصلة بالناس ؛ فالله أراد للإنسان أن يكون صادقا ، لأنه أراد له الارتباط بالحق ، فليس له أن يكذب على الكافرين ، كما لا يجوز له الكذب على المؤمنين.
(بَلى) إنهم يتحملون المسؤولية كاملة في الالتزام بالوفاء للآخرين بأداء الأمانة ، ولا يملكون الحجّة في الخيانة بحجة شرعته كما يقولون ، (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ) أي أن الإنسان الذي وفي بعهده من خلال مراقبته لله (وَاتَّقى) الله في أموره كلها ، بحيث كان يعيش الإحساس بالرقابة الإلهية الضاغطة على قراراته وحركاته ، هو الذي يحصل على محبة الله ورضوانه ، (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) الذين يتحركون في الحياة على أساس أنهم عباد الله ، الذين يلتزمون أوامره ونواهيه ، ويخشون عقابه ، ويرجون ثوابه ، ولذلك كانت التقوى في التزاماتها الروحية والعملية هي مضمون حياتهم.
* * *
الآيات في خطى الحاضر
ولا بدّ لنا في هذه الآيات من أن نقف وقفة قصيرة أمام المفهوم الذي نستوحيه منها :
أولا : وهو أن الثقة بالإنسان ، أيّ إنسان كان ، لا بدّ من أن تستند إلى القاعدة الفكرية والروحية والأخلاقية الموجودة في نفسه ، لأن الإنسان ليس هو