يمكن انتسابه إليها ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) ذلك ، لتتحرّكوا في دائرة تقديم الحجة من منطق العقل الذي يضع الأشياء في مواضعها الطبيعية من الزمان والمكان عند ما يدخل في المقارنة بين الأشخاص والأشياء؟! وهذه إشارة إلى أن القرآن الكريم يقدم العقل كأساس في مجال الجدال بين الناس والاحتجاج للعقائد وللأفكار ، فلا ينطلق الموضوع الذي يقع محلا للنزاع من حالة عاطفية أو مزاجية أو استعراضية بقصد التأثير على الجو النفسي بعيدا عن المحاكمة العقلية.
* * *
الآية في حركة الواقع
ونلتقي ـ في خط هذا الأسلوب ـ بالكلمات التي تثار أمام البسطاء من خلال ما يطرحه الكفر والانحراف من مبادئ ، كالشيوعية والاشتراكية والديمقراطية وغيرها من المبادئ الفلسفية والاقتصادية والسياسية ، فيحاولون الإيحاء للمسلمين البسطاء بالتقاء الإسلام بها وانتمائه إليها في مفاهيمه وتشريعاته من أجل أن يضلّلوهم ويسدّوا عليهم طريق الاعتراض والمناقشة. وقد يضيفون إلى ذلك الحديث عن انتماء الإمام عليّ عليهالسلام وأبي ذر الغفاري إلى الاشتراكية لأنهما كانا ينطلقان في كلماتهما من موقع المواجهة للواقع الاقتصادي الاستغلالي الفاسد ، مما يحاول البعض تفسيره بما توحي به هذه المبادئ من شعارات وأفكار. ولكن القضية لا بدّ من أن تعالج بما عالج به القرآن الكريم قصة مزاعم أهل الكتاب في قضية إبراهيم عليهالسلام ، بالتأكيد على الفرق الكبير في الفاصل الزمني بين الإسلام وشخصياته ، وبين مبتدعي هذه المبادئ ، ثم بمحاولة إيضاح المفاهيم الإسلامية والاقتصادية والاجتماعية بالمقارنة مع مبادئ الكفر والانحراف المتمثلة في تلك المبادئ ، والإعلان لهم بأن عليّا وأبا ذر لم يطرحا في معارضتهما للواقع الفاسد إلّا المنهج الإسلامي الذي يعالج المشكلة الواقعية بالحل الإسلامي لا بغيره.