(قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) الذين يعرفون طبيعة التحدي وخطورة الموقف ودرجة التضحية ، فهي بحاجة إلى العقل والحركة والوعي والإرادة القوية.
* * *
أنصار الله
.... ويتابعون الحديث عن منطلقات هذه النصرة ... فهم قد آمنوا بالله ... (آمَنَّا بِاللهِ) والإيمان يعني التسليم ، والتسليم يعني التصميم والقناعة واليقين في الخط الذي يبدأ من الله وينتهي إليه ، لأن الإيمان هو موقف للحياة يستوعب كل التفاصيل من خلال ما يواجهه الإنسان من أوضاع ، وما يقوم به من أعمال ، وما يرتبط به من علاقات ، وما ينطلق فيه من تطلّعات للمستقبل ... ليكون الخط الفاصل بين الإيمان والكفر فاصلا على مستوى الممارسة لا على مستوى النظرية والكلمة. وبهذه الروح ، وفي أجواء هذا التصور ، كانوا يريدون التأكيد الحي لموقفهم الصلب بشهادة الرسول لهم بإسلام الكلمة والقلب والعمل لله الواحد ، في ما يريد وما لا يريد : (وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) وهذه الشهادة تعطي للموقف بعدا مهما على صعيد حركة الإسلام في داخل النفس ، فإن الفكرة قد تضعف إذا بقيت مجرّد فكر وشعور ، ولكنها تشتد كلما تحوّلت إلى معاناة في الروح وإعلان في حركة الإنسان في الحياة ، لأن الموقف يتخذ لنفسه معنى المسؤولية المتحركة أمام الله والناس ، من خلال الإيحاء بإلزامه بما التزم به. وربما كان هذا هو السر في أن إعلان الشهادة من قبل المسلم يعتبر عنصرا أساسيا في إسلام المسلم ، فلا يكتفي بما يربط قلبه عليه من عقيدة وإيمان ...
ولم يقف الحواريون عند هذا الحدّ في التعبير عن إسلامهم وإيمانهم ، فهم يعرفون أن الرسول بشر يوحى إليه من الله ، وأن الله هو الذي تقدّم إليه الشهادة للتعبير عن عمق الإخلاص في العقيدة والعبادة ، وأن الشهادة للرسول لا