حديثا عن الدائرة المحدودة التي يتحرك فيها عيسى عليهالسلام في حركته الدينية الرسالية ، بل يكون حديثا عن المنطلق الذي تبدأ به المهمة الرسالية حركيتها في الحياة ، والله العالم.
* * *
هل صدرت المعجزة عن عيسى عليهالسلام؟
هل قام عيسى عليهالسلام بالمعجزات في حياته بطريقة فعلية ، أم أنه كان يتحدث عن قدرته على ذلك في دائرة الشأنية من دون أن يمارس ذلك فعلا؟
ذكر بعض المفسرين ـ ومنهم صاحب المنار ـ أن المسيح اكتفى بمجرد الادعاء بأنه يفعل كذا وكذا بإذن الله ، ولكنه لم يفعل منها شيئا أبدا.
وربما كان الأساس في هذا الرأي ، هو استبعاد حدوث المعجزات في طبيعتها العجائبية الخارقة للعادة ، مما يفرض على الباحث تأويلها بالطريقة التي تتوافق مع القوانين الطّبيعية بشكل وبآخر ، وهذا ما درجت عليه بعض المدارس الإسلامية الفكرية أو التفسيرية التي حاولت أن تقدم المضمون القرآني أو الديني بشكل عام بطريقة عقلية لا تتنافى مع التصور العام الذي ينفتح على الأمور بطريقة الحسابات المادية.
ولكننا نلاحظ أن بعض هذه المعجزات ، كما في عصا موسى عليهالسلام ، لا مجال لتأويلها وتفسيرها طبيعيا.
ثم إنّ إطلاق السؤال عن السبب الذي يفرض مثل ذلك ، أيعني استبعادا لخرق قوانين الطبيعة من قبل الأنبياء؟ ولكن المسألة تتصل بإذن الله وقدرته التي تحوّل العصا ثعبانا والنار بردا وسلاما ، وتحيي الموتى وتبرئ الأكمه والأبرص ، وتمنح الإنسان القدرة على اختراق حواجز الأسرار الذاتية الراقدة في عالم الخفاء.
أليس الدين بذاته حالة غيبية تنطلق من الأسلوب غير العادي في إنزال الوحي على النبي؟