من نقائص ومفاسد وقضايا باطلة ، لم يكونوا مدركين لها من قبل ، ولهذا كفروا به بعد أن آمنوا به ، لأنهم طلاب حق وصدق ، ولو لا ذلك لما انحازوا إلى خط المؤمنين في البداية ، ليدفع ذلك المؤمنين إلى التراجع عن الإسلام ، أو يدعوهم إلى الشكّ فيه على أبعد التقادير. ولما كانت هذه الخطة التي وضعوها ، بحاجة إلى السرّية التي تحمي لها نجاحها ، كان لا بدّ من أن يضرب حولها نطاق من السريّة ، ولهذا انطلقت التوجيهات اليهوديّة لجماعتهم الذين يراد منهم تنفيذ الخطة ، أن لا يؤمنوا ، أي : لا يطمئنوا ـ بقرينة التعدي باللام ـ إلّا لليهود التابعين ، لأنهم الذين يحافظون على السرّ بإدراكهم خطورته عليهم وعلى طبيعة الخطة الموضوعة.
وهذا ما نستظهره من الآية ، بأن تكون الجملة تابعة لما قبلها لأنها من مستلزمات نجاح الخطة ؛ وربما كانت جملة مستقلة تدعو اليهود إلى الحذر من غيرهم في ما لديهم من أسرار في هذا الموضوع وغيره ... وهذه من خصال اليهود في سائر العصور من خلال ما يمثلونه من المجتمع المنغلق على قضاياه الذي وضع بينه وبين الآخرين حاجزا نفسيا ومادّيا من موقع الشعور بالرفعة على من عداه ومن موقع الإخلاص لسلامة القضايا التي يعملون من أجلها ...
* * *
إشراقات إلهية
ذلك هو حديثهم في ما أرادوه من الكيد للإسلام ، ولكنّ الله يريد لرسوله أن يردّ عليهم بالكلمة الحاسمة التي تضع القضية في نصابها الصحيح. فليس الهدى حالة طارئة يحصل عليها الإنسان بأيّ ثمن ، بل هو الينابيع الروحية التي تتفجّر في قلب الإنسان ، فتملأ حياته خصبا وحيوية وإيمانا ، والإشراقات الإلهية التي تفتح قلبه على الحق وتضيء له طريق الهدى ، والفكر النيّر المنفتح الذي