(يُزَكِّيهِمْ) : يطهرهم وينميهم نموّا صالحا. والتزكية هي الإنماء نموّا صالحا. وأصل الزكاة ـ كما يقول الراغب ـ «النمو الحاصل عن بركة الله تعالى. ويعتبر ذلك بالأمور الدنيوية والأخروية» (١).
* * *
مناسبة النزول
جاء في أسباب النزول ـ للواحدي ـ «قال الكلبي : إن ناسا من علماء اليهود أولي فاقة أصابتهم سنة فاقتحموا إلى كعب بن الأشرف بالمدينة فسألهم كعب : هل تعلمون أن هذا الرجل رسول الله في كتابكم؟ قالوا : نعم ، وما تعلمه أنت؟ قال : لا ، فقالوا : فإنا نشهد أنه عبد الله ورسوله. قال : لقد حرمكم الله خيرا كثيرا ، لقد قدمتم عليّ وأنا أريد أن أميركم وأكسو عيالكم ، فحرمكم الله وحرم عيالكم. قالوا : فإنه شبّه لنا ، فرويدا حتى نلقاه. فانطلقوا فكتبوا صفة سوى صفته ، ثم انتهوا إلى نبي الله فكلموه وساءلوه ثم رجعوا إلى كعب ، وقالوا : لقد كنا نرى أنّه رسول الله ، فلما أتيناه إذا هو ليس بالنعت الذي نعت لنا ، ووجدنا نعته مخالفا للذي عندنا ، وأخرجوا الذي كتبوا ، فنظر إليه كعب ، ففرح ومارهم وأنفق عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال عكرمة : نزلت في أبي رافع ، ولبابة بن أبي الحقيق ، وحيي بن أخطب ، وغيرهم من رؤساء اليهود ، كتموا ما عهد الله إليهم في التوراة من شأن محمد وبدّلوه ، وكتبوا بأيديهم غيره ، وحلفوا أنه من عند الله لئلا يفوتهم الرّشا والمآكل التي كانت لهم على أتباعهم» (٢).
__________________
(١) مفردات الراغب ، ص : ٢١٨.
(٢) أسباب النزول ، ص : ٦٢.