والآن ، نحن مع الآية في هذا الأسلوب الجديد من منهج الحوار.
إنها تطرح مع أهل الكتاب فكرة اللقاء على قاعدة مشتركة ، لنتمكّن من خلال ذلك من اكتشاف وجود لغة وقناعات مشتركة ومشاعر قريبة إلى بعضها البعض ، مما يوحي بوجود أساس واقعي للتفاهم ، لأن القضايا المسلّمة لدى كل فريق يمكن أن تتدخل لتحسم الخلاف في القضايا المتنازع فيها ، فهي تدعونا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ، فنحن نؤمن بالوحدانية كما تؤمنون ، وبذلك نلتقي معا في نطاق عبادة الله الواحد فلا نشرك في العقيدة ولا نشرك في العبادة. وعلى ضوء ذلك نلتقي على عدم اتخاذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، لأن ذلك يعني الشرك لله في خلقه ، فلا مجال لأن نحلّ ما حرمه الله علينا ، أو نحرّم ما أحلّه الله لنا ، إذا أمرنا هؤلاء بذلك ، فإن ذلك يعني الخضوع والعبادة اللذين يؤديان إلى الشرك في نهاية المطاف.
وهذا ما استوحاه أحد أئمة أهل البيت عليهمالسلام في هذه الفقرة في ما يروى عنه في الجواب عن سؤال قدّم إليه ، وخلاصته : إن اليهود لا يتخذون بعضهم بعضا أربابا من دون الله فكيف يطرح عليهم هذه الصيغة التي تشعر بوجود شيء لديهم من هذا القبيل ، فيريد الله أن يخلصهم منه ويفرض عليهم منهجه الحق؟ وكان الجواب يتلخص في التأكيد على هذا الجانب ، فإنهم أحلوا لهم حراما وحرّموا حلالا فاتبعوهم في ذلك ، فكانت تلك ربوبية عملية. وهذا ما نواجهه ، في ساحة العمل المنحرف ، في التزامنا بما تصدره بعض المؤسسات أو الحكومات من قوانين تتنافى مع قوانين الإسلام ومفاهيمه ، فإن ذلك يمثل إشراكا في جانب العمل وإن لم يكن إشراكا في خط العقيدة.
* * *
الدعوة إلى مواطن اللقاء في الحوار والعمل
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) الذي أنزله الله ليكون هدى ونورا للناس يقفون عند مفاهيمه وينطلقون منه ويتحركون في خطوطه ويرجعون إليه ، ويلتقون عليه إذا