وذكر بعضهم أن المباهلة من البهل ، بمعنى الترك ورفع القيد. والباهل ، أيضا ، هي الناقة المخلّى ضرعها مكشوفا يرضع منه وليدها كيفما يشاء ، والابتهال في الدعاء : الاسترسال فيه والتضرع إلى الله.
وربما كان تفسير الكلمة باللعن والموت والبعد عن الله من خلال مناسبة ذلك للكلمة ، لأن هذه المعاني من نتائج ترك الله العبد وشأنه ، وهذا هو المعنى الأصلي للكلمة ، ثم غلب على تبادل الدعاء لله تعالى بلعن الكاذب كما هو المفهوم من الآية.
* * *
مناسبة النزول
ورد في قصة الحوار الذي أداره النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مع بعض النصارى من أهل الكتاب ، أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد سلك مسلكا جديدا في معاجلة الموقف معهم بعد وصول الحوار إلى الطريق المسدود ، وهو أسلوب المباهلة ، الذي حدثتنا عنه هذه الآية الكريمة.
أما قصة هذه الآية فتشرحها لنا عدة روايات قد تختلف في طولها وفي قصرها ، ولكنها تتفق في الفكرة العامّة التي نريد أن نستخلصها منها ؛ ولذا فإننا سنكتفي بذكر بعضها ، وهي رواية المحدّث الجليل علي بن إبراهيم القمي التي رواها في تفسيره عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ، قال : إن نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وكان سيّدهم الأهتم والعاقب والسيّد ـ وحضرت صلواتهم ، فأقبلوا يضربون الناقوس وصلّوا ، فقال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا رسول الله ، هذا في مسجدك؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : دعوهم. فلمّا فرغوا دنوا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : إلا م تدعو؟ فقال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وأن عيسى عليهالسلام عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث ،
__________________
١٩٩٣ ، ج : ١ مادة " بهل ، ص : ٥٢٢.