تنازع للأخذ بخيار خاص ، لأن الأساس فيها هو أن لا تبقى القضية بعيدة عن الحسم الذي يحلّ به النزاع ويرتفع به الإشكال.
وفي ضوء ذلك ، فإن القضية من القواعد العقلانية الإنسانية التي لا يختلف فيها شعب عن شعب ، فهي من القضايا التي تدفع إليها الحاجات البشرية العامة في حل المنازعات على قاعدة يرضى بها الجميع.
وربما كان أخذ الأنبياء والأئمة عليهمالسلام بها منطلقا من صفتهم العقلائية ، إما من باب الإمضاء للبناء العقلائي الذي يعني إقرار العقلاء على ما يسيرون عليه في نظام حياتهم ، فيكون الحكم الشرعي إمضائيا ، وإما من باب أن الشريعة لا تحتاج إلى التشريع في مثل القرعة لأن للعقلاء شريعة منطلقة من فطرتهم الصافية بإلهام من الله ، فتكون القضية تماما كالقضايا الأخرى في طريقة طعامهم وشرابهم ولباسهم وسكنهم التي لم يحدد الله للناس فيها طريقة معينة ، بل ترك الأمر لهم في خط النظام العام من دون أن يصدر فيه حكما شرعيا خاصا ، إذ لا مقتضى له بعد أن كان الواقع العقلاني واقعا موافقا للمصالح العامة للناس.
* * *
القرعة : عبادة وابتهال
وقد جاءت الأحاديث عن أئمة أهل البيت لتجعل للقرعة معنى دينيا في أسلوب دعائي ابتهالي ، يرجع فيه المقترعون إلى الله ، طالبين منه أن يلهمهم الصواب ويخرج لهم الحق ، فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام في الصحيح في رواية الفضيل بن يسار المروية في الكافي والتهذيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن مولود ليس له ما للرجال ولا ما للنساء؟ قال : يقرع الإمام أو المقرع يكتب على سهم (عبد الله) وعلى سهم (أمة الله) ، ثم يقول الإمام والمقرع : اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك ما كانوا فيه يختلفون ، فبيّن لنا أمر هذا المولود كيف يورّث ما